استقالة 10 آلاف مستشار مالي في بريطانيا خلال عامين

نشر في 13-11-2013 | 00:01
آخر تحديث 13-11-2013 | 00:01
No Image Caption
الأنظمة تحابي مجموعات الاستثمار الكبرى على حساب الصغرى
سيطر السير أليكس فيرغسون ونادي مانشستر يونايتد على كرة القدم البريطانية في الـ20 سنة الماضية. واستطاع هذا النادي الأكبر في البلاد ومديره السابق اللامع، كسب جوائز تذكارية وأموال أكثر من أي فريق آخر. وازداد أثرياء النادي ثراءً، وازداد كذلك نجاحهم على صعيد حقوق البث التلفزيوني، وحقوق الرعاية، وبيع قمصان الفريق وبضائع أخرى مماثلة.

فهل إدارة صناديق الاستثمار في المملكة المتحدة وغيرها من البلدان تسير في الطريق نفسه، في الوقت الذي تعمل فيه أكبر الشركات على توظيف أفضل المديرين وتستحوذ على أكبر حصة من كعكة الاستثمار؟ إنه سؤال جدير بأن يُطرح والفضل في ذلك يعود إلى «قانون مراجعة التوزيع بالتجزئة» (مجموعة قوانين جديدة خاصة بالاستثمار في بريطانيا). تم البدء بتنفيذ هذا القانون الذي يبدو عادياً في ظاهره في المملكة المتحدة في (يناير) من هذه السنة. وهناك أسواق في آسيا وأوروبا تراقب القانون من كثب، ويمكن أن تحذو حذوه.

 

التوزيع بالتجزئة 

 

قانون مراجعة التوزيع بالتجزئة، أو هكذا يسميه الخبراء، هو قانون إصلاحي مهم، مثل غيره من الأنظمة الأخرى. وهو يحاول الكشف عن الرسوم، أو بدل الأتعاب المدفوعة لمديري صناديق الاستثمار والمستشارين الماليين وبرامج السوبرماركت الموجودة على الإنترنت التي تقدم أسهماً وأصولاً أخرى للمستهلكين، وجعل كل هذه الأشياء شفافة وعادلة لكل من المختصين بالاستثمار والزبائن، أو المدخرين.

لكن القانون، شأنه في ذلك شأن كثير من القوانين التنظيمية الأخرى المشابهة، له عواقب غير محسوبة بدأت لتوها بالوضوح. فهو يهدد بإجبار مجموعات الاستثمار الصغيرة على الخروج من السوق، في وقت تكافح فيه للمنافسة مع المؤسسات العملاقة الراسخة، من أمثال شرودرز وأبردين لإدارة الأصول، اللتين تتوليان إدارة أصول تزيد على 200 مليار جنيه استرليني.

حدث كل هذا لأن الشفافية جعلت المستهلكين، سواء كانوا من الناس متوسطي الثراء المتطلعين لشراء بضعة أسهم، أو الأفراد فائقي الثراء النشيطين في إدارة محافظهم الاستثمارية الكبيرة أو خطط التقاعد، أكثر وعياً بالرسوم المدفوعة على شكل أتعاب للمستشارين الماليين. وأدى هذه بدوره إلى توجه عدد أقل من الأشخاص الراشدين في المملكة المتحدة للحصول على استشارات، وسبب انخفاضاً حاداً في عدد المستشارين الذين خرجوا أيضاً من المهنة، بسبب الشروط القاسية المطلوبة لمؤهلاتهم ومتطلبات الالتزام.

وتقول مؤسسة بلاتفورام لاستشارات البيانات إن 31 في المئة من الراشدين في المملكة المتحدة، من الذين يقتنون منتجات استثمار، لم يحصلوا على استشارات مالية نهائياً، مقارنة بـ 26 في المئة قبل سنتين. وفي الوقت نفسه هبط عدد المستشارين الماليين، المقدر عددهم في سوق المملكة المتحدة بـ41 ألف شخص قبل سنتين، إلى 31 ألف شخص، بحسب رابطة المستشارين الماليين المهنيين.

 

محاباة

 

لذلك ربما تتساءل: هل هذه الأنظمة تحابي مجموعات الاستثمار الكبرى على حساب الصغرى، وهل هذا مهم للمملكة المتحدة والبلدان الأخرى في أوروبا وآسيا التي لم تفرض مثل إصلاحات مراجعة توزيع التجزئة؟

الإجابة عن السؤال الأول سهلة. فمن دون مستشارين ماليين سيميل المستهلكون الباحثون عن شركات إدارة نشطة إلى اختيار الشركات الأكبر والمعروفة أكثر، لأنهم ليست لديهم خبرة في تقييم مزايا الشركات المتخصصة الصغيرة التي يمكن أن تقدم صفقات أفضل وإدارة متفوقة لأصولهم.

وتطلب الشركات الكبيرة عادة ثمناً أكبر لمنتجاتها، لأن المستهلكين يميلون لدفع مبلغ إضافي صغير في مقابل شراء شيء له علامة تجارية معروفة جيداً وسجل قوي في الأداء. وسيدفع هاوي كرة القدم مبلغاً للتفرج على مانشستر يونايتد أكبر من المبلغ الذي سيدفعه لمشاهدة نادي بيشوبس ستورتفورد، لكن هناك فرقا كبيرا بين كرة القدم وإدارة صناديق الاستثمار. من الواضح أن نادي مانشستر هو الأفضل في عالم الكرة، لكن هذا غير واضح في عالم صناديق الاستثمار.

ويوجد لهذا علاقة أيضاً خارج المملكة المتحدة، فالحاجة المتزايدة للشفافية بخصوص الأتعاب في أوروبا وآسيا، ليس فقط للمستشارين الماليين ولكن أيضاً للبنوك التي تقدم خدمات مماثلة في أماكن مثل فرنسا وألمانيا وتايوان، تدفع كثيرا من الزبائن نحو المجموعات الكبيرة التي لها أسماء تجارية قوية وشبكات تسويق هائلة.

* (فايننشال تايمز)

back to top