ذئب وول ستريت معلماً ليناً

نشر في 07-04-2014
آخر تحديث 07-04-2014 | 00:01
 فوزية شويش السالم تستقبل الزائر في مطار الكويت صورة إعلانية ضخمة للسمسار جوردن بلفورت، الملقب بذئب وول ستريت في مدينة نيويورك، وهو أشهر محتال في عالم البورصة الأميركية، وتم سجنه مدة 22 شهرا من حكم مقرر مدته ثلاث سنوات، ثم تحول بعد خروجه من السجن إلى مدرب ومتحدث مبيعات يلقي محاضراته وندواته في الجامعات الأميركية، يعلم ويدرب الجماهير على تنمية القدرات والمهارات الاستثمارية، واستثمر سيرة حياته حين قام بكتابتها في جزأين باعهما إلى منتج سينمائي قام بتحويلها إلى فيلم من إخراج المخرج العالمي مارتن سكورسيزي تحت اسم "ذئب وول ستريت" من بطولة الممثل ليوناردو دي كابريو.

وجاء أخيرا هذا الرجل الشهير إلى الكويت ليعلم ويدرب شبابها ورجال الأعمال فيها على مهارات فذة وتنمية قدرات عالية في معرفة طريق الاستثمارات العالمية، كل هذا شيء جميل لفتح باب المعرفة وتعلم أقصى طرق الانتفاع بها، لكن السؤال يدور حول شخصية هذا المعلم والمدرب الذي كتب بخط يده سيرته التي كشفت عن شخص منحل ومنحرف إلى أقصى الحدود، ليس لديه مبادئ أخلاقية بأي شكل كان، وكل ذلك باعترافه بها، والتي أيضا جاءت في المقابلة التي أُجريت مع ليوناردو دي كابريو وورد فيها الآتي: "الفيلم يجسد قصة حقيقية لرجل الأعمال جوردن بلفورت وحكاية صعوده سيئة السمعة في "وول ستريت" وكيفية أدائه لشخصية معقدة تشمل المخدرات والسلاح ومهارات الاحتيال المصرفية الهائلة، وشهوة المال التي سيطرت عليه، ومحاولته لاستهلاك كل شيء من حوله بأنانية بشعة، وكنت أشعر بأنها انعكاس لكل شيء سيء نعيشه الآن داخل المجتمع مثل نمط الحياة الراقي والبذخ والهوس بالمخدرات والكحوليات وغيرها، فبلفورت قصة صعود سيئة السمعة يتخللها العديد من البذاءات والأفعال الإجرامية والاحتيال بجانب سطوة المال والنفوذ والمخدرات، فما فعلناه هو اظهار الحقيقة المجردة التي تعكس قصة واقعية كان من أهم صفات صاحبها أنه لا يتعظ ولا يعتذر ولا يتوانى في المضي في طريق الانحلال الأخلاقي والمهني. وقد تعمدنا في الفيلم عدم إظهار ضحايا بلفورت لعدم توضيح الجانب المأساوي والقاسي من الشخصية الماهرة التي تلاعبت بالحياة وسعت للصعود فوق آلام الآخرين".

الفيلم لم يأت بكل تفاصيل حياته الجنسية التي رواها في سيرته، لأنه بهذه الحالة سيخرج من دائرة الأفلام المسموح بعرضها للكبار ليصبح في خانة أفلام البورنو، ومع هذا فالذي سُمح بعرضه سينمائيا كان رهيبا، فحياة الرجل كانت داعرة بمعنى الكلمة كلها ممارسات جنسية على العلن والمكشوف، تمارس في المكاتب والشركات ومقرات تداول الأسهم بحفلات جماعية متهتكة أخلاقيا، يتم فيها تداول الهيروين والكحول... وإلى ماهناك.

وحين سألوه ان كان ما ورد في الفيلم حقيقة وكل ما جاء من ممارسات غريبة صحيحة أم خيال، رد بجواب أكثر إثارة ان الواقع كان أعظم.

هذا الرجل الذي يربط النجاح في العمل والحصول على المال وإدمانه للمخدرات، فكلها مربوطة بالنجاح، وهو يتفاخر بأنه مدمن على ممارسة هذه الأفعال.

الفيلم الذي مدته 3 ساعات اقتطعت منه رقابة الكويت 50 دقيقة ليصبح ساعتين من دون مشاهد غير مسموح فيها، ومع هذا احتلت صورة الرجل مطار الكويت لترحب بقدومه المجيد.

ليس لي أي رد فعل على شخصيته أو أخلاقه فهذا أمر يخصه، لكن ما يهم في الموضوع هو تعليمه لشباب يقودون الوضع التجاري والاقتصادي في الكويت الآن ومستقبلا، قد يكون الرجل بالفعل قد تغير واستفاد من تجربته، وإن كنت أشك بذلك فزمن تجربته مازال قصيرا، فكيف يتم تحوله بهذه السرعة إن لم يكن قد انتهج طريقة وسبيلا جديدا لممارسة مهنته بقناع جديد؟

والسؤال الآخر بأي من تعاليمه سيقتنع بها الشباب وينفذونها، هل هي التي جاءت في سيرته وفي الفيلم، أو ما يطرحه الآن وليس لي به علم ولا استطيع فصل المبادئ والأخلاق بعضها عن بعض، ولا أدري عن الكيفية التي يتم فيها تحول المرء من أقصى اليمين إلى أقصى الشمال بضغطة زر قد تكون أخلاقية أو غير ذلك!

back to top