قلب أخضر!

نشر في 24-12-2013
آخر تحديث 24-12-2013 | 00:01
 د. ساجد العبدلي يقول الناس عندنا: "فلان قلبه خضر"، ويقصدون بها ذلك الشخص السريع الوقوع في "الهوى"، أو كما كتب مجهول في الإنترنت: "القلب الأخضر مصطلح يطلق على كل من تكون تربة عواطفه صالحة دوماً لزراعة بذرة أي قلب عابر، ولا يكون بحاجة إلا لقليل من رذاذ مطر كلمات أو نظرات أو ابتسامات، لتبدأ أشجار علاقات الحب المحتملة بالنمو في قلبه".

لكنني ومع إدراكي لذلك فقد دأبت على استخدام هذا المصطلح اللطيف قاصداً معنى أوسع وأشمل من ذلك. صاحب القلب الأخضر في رأيي، هو ذلك الشخص المتعلق بالحياة، الباحث دوماً عن كل ما يجعله سعيداً.

صاحب القلب الأخضر، رجلاً كان أو امرأة، وإن كان الناس لا يطلقونه عادة إلا على الرجال، وذلك لحساسية أن توصف امرأة ما بأنها صاحبة قلب "تربة عواطفه صالحة دوماً لزراعة بذرة أي قلب عابر"، وكأن النساء لا يقعن في هذا الأمر، أقول إن صاحب القلب الأخضر بحسب تعريفي الأكثر اتساعاً، هو شخص قلبه بنقاء الماء، واتساع وصفاء السماء.

شخص لا يزال ذلك الطفل الصغير الفرح المرح نابضاً حياً في داخله. شخص عيونه مرآة صادقة لما في داخله من طيبة وعفوية وشفافية، لا يجيد التخفي ولا ارتداء الأقنعة ولا التلون.

 شخص لم تخطف الأيام منه شغفه وإقباله على الدنيا، شخص لم تشخ دهشته ولم تتيبس أغصانها وتتساقط أوراقها، بل لا تزال روحه ريّانة خضراء تنمو وترتفع باتجاه شمس الحياة.

صاحب القلب الأخضر يدرك أن المرء ليس سوى أيام ولحظات، وأنه كلما مضت أيامه ولحظاته مضى بعضه، ولهذا فهو يحرص على ألا يضيع شيئاً من عمره في الحزن والهم والنكد ما استطاع إلى ذلك سبيلاً، مدركاً أن الحياة بأسرها رحلة "ترانزيت" عابرة سرعان ما ستصل، ربما أسرع مما يتوقع أي واحد منا، إلى بوابة الرحلة الحقيقية بعدها، وأن السعيد الهانئ الحامد في رحلة الترانزيت سيكون هو السعيد الهانئ الحامد في مرحلة "الما بعد".

امتلاك القلوب الخضراء نعمة عظيمة، لأن أصحابها هم من يعيشون الحياة الحقيقية، وأما الاستغراق في النكد والهم والضيق والحزن والقلق الدائم فليس من الحياة في شيء، ومن يعيشون هكذا هم أولئك الأشقياء "الأحياء الأموات"، ما أتعسهم!

back to top