لم يكن ما تعرض له المواطن ماجد المطيري من تعذيب أثناء فترة القبض عليه بتهمة قتل المواطن الكندي بمنزلة الكذب والتلفيق لرجال المباحث في عام 2001، ولم يكن ذات التعذيب الذي تعرض له الشباب المتهمون عام 2009 في قضية خلية عريفجان هو الآخر بمنزلة التلفيق منهم بعد أن سطرت محكمة الجنايات في حكمها مشاهد التعذيب الذي تعرضوا له وأبطلت الاعترافات الصادرة منهم نتيجة ذلك التعذيب، ولم يكن التعذيب الذي أودى بحياة المغفور له المواطن محمد الميموني هو أيضاً بمنزلة التلفيق لرجال المباحث، لاسيما أن القضاء بحكم بات انتهى إلى إعدام الجناة المتسببين بقتله!

Ad

الكذب والتلفيق هما أن بعض رجال البحث والتحري لا يمارسون التعذيب من أجل إغلاقهم بأسرع وقت ممكن لملفات القضايا التي أمامهم، بل أخذوا من التعذيب منهجاً سريعاً بدلاً من الاعتكاف على البحث والتحري لفك طلاسم التحقيق الجنائي!

لا نريد جناة على الورق ولا نريد مظلومين في الحبس ولا نريد عدالة مضللة سببها بطولات مزيفة والسعي إلى مجد سريع، بل نريد عدالة يحكمها الضمير ويبريها القسم على احترام نصوص القانون ومبادئ الدستور، لا نريد أسودا ولا نمورا ولا وحوشا، فكل تلك المسميات إن كانت تبطش باسم القانون حقوق وحريات الأفراد فلا قيمة لها ولا منزلة يمكن أن تحتل لدينا!

المجد يا سادتي بتطبيق القانون لا التنكيل به، والرفعة بالحفاظ عليه لا ضرب نصوصه عرض الحائط، فللناس كرامات وحقوق يجب أن تصان، كفلها لهم الدستور بل أحاطها بسياج كثيف لا يمكن تجاوزها إلا بحدود القانون وتحت رقابة القضاء!

مللنا من كثرة تجاوزاتكم التي تتعدى يومياً على حرياتنا، مللنا من تلفيق قضاياكم التي تعريها الأحكام القضائية، مللنا من سوء تحرياتكم التي تكشف لاحقا تناقضاتكم أمام المحاكم، فمتى تكون الأمانة والحيادية هي عنوان العلاقة بيننا وبينكم!

يا سادتي أنتم مؤتمنون على رقاب العباد وأموالهم، فلا يعقل أن تلفق القضايا لبعض الأشخاص لأنهم لا ينوون الاعتراف بها. يتم ضبطهم بسبب قضية سرقة واحدة فيتم تحميلهم عشرات قضايا السرقة، ويتهمون بقضية تعاطٍ، فيتم تحميلهم قضايا اتجار بالمواد المخدرة!

لا يمكن أن نكذب اليوم ادعاء أي متهم ممن تعرض للضرب والتعذيب أو حتى الابتزاز من قبل أي من رجال المباحث والشرطة، خصوصاً أن السوابق المثبتة بأحكام قضائية متنوعة ومختلفة وعلى مر السنوات تؤكد تعرض العديد من المتهمين لحالات التعذيب فضلاً عن تعرضهم لقسوة التعامل.

تشدد النصوص الجنائية على الأشخاص الذين يثبت تعديهم على رجال الأمن بالقول أو الفعل، ولا تتشدد النصوص التي تحفظ للمواطن الحد الأدنى من كرامته والحفاظ على حقوقه لمجرد مطالبته باحترام آدميته وخير دليل ما يتعرض له بعض السجناء الذين يتم إحضارهم للمحاكمة أو تجديد الحبس من إهانات قبل عرضهم على الهيئات القضائية من بعض رجال الشرطة!

لا أعني كل رجال المباحث ولا كل رجال الشرطة بذلك، فهناك رجال أكفاء صانوا القسم وحافظوا على احترام نصوص القانون، لكن هناك متجاوزون على القانون يتوجب على مسؤولي الوزارة التصدي لهم ومحاسبتهم حتى يكون القانون تحت نظر الجميع؛ شرطياً كان أو متهماً لا أكثر!