ما المطلوب من الكويت في ما جرى ويجري في البلاد العربية؟ هل الكويت دولة عظمى مثلا؟ ولم يتهم بعض العرب (سآخذ الأمر بحسن الظن) الكويت بعدم التفاعل مع قضايا العرب؟! فمنذ وقت طويل والاتهامات غير المنصفة تطول الكويت، ورغم ذلك تحملت ولم ترد، واكتفت بالأفعال التي تغني عن الكلام، عند من يملكون الضمائر الحية.

Ad

الكويت وبكل فخر داعم رئيسي وفعلي للشعب السوري، ومؤتمرات الدول المانحة تشهد على ذلك، ولم تمنّ على أهلنا في سورية، فالدعم الكويتي يكاد يكون الأكبر رسميا وشعبيا، ولم تترك غزة بل ساندتها مساندة فعالة وعلى قدر الإمكانية، وكان الدعم سياسيا ومالياً من سمو الأمير حفظه الله، ويشهد بذلك قيادي "حماس" خالد مشعل، ولا منّة أبداً، ومهما نفعل فنحن مقصرون.

وفي العراق، ورغم التاريخ الأسود لهذا البلد الجار فإن السياسة الكويتية تعاملت بما يبيض الوجه، وبكل ثقة كانت الطرف الموثوق في تعاملها مع الأنظمة المتتالية، منذ سقوط صدام حسين، وإن أردنا التحدث باللهجة الخليجية فالكويت اليوم وكأنها المزار المستمر، ومركز الحل لكل خلاف خليجي، حتى العلاقات الخليجية مع إيران كان للكويت دور المنسق والمفاوض، وإنجازات السياسة الكويتية لم تقف عند حد معين، لكن هناك من لا يعجبه العجب!

الكويت تتبع السياسة النظيفة الخالية من الاستغلال السيئ لظروف الدول، ولم يعرف عنها تدخلها في الشؤون الداخلية لأي دولة، فإن لم تأت بخير فلن تأتي بغيره، وهناك من يحملها فوق طاقتها كوجوب تدخلها في شؤون داخلية لبعض الدول كفلسطين مثلاً، ورغم ذلك أمسكت الكويت العصا من المنتصف، فكانت مع "رام الله"، وبنفس الوقت مع غزة.

المنطقة ملتهبة وبلاد العرب تعيش فترة خطيرة من تاريخها، وكما قال الشاعر خالد الفيصل "كل ما قلت هانت، جد علم جديد!"، فالنزاعات المسلحة انتشرت، وطبول الحرب تسمع بوضوح في مناطق عدة، و"يا خبر اليوم بفلوس باكر ببلاش" كما قال المثل الشعبي.

السياسة الخارجية الكويتية حتى الآن تقدم أداء متميزا، وتتعامل باحتراف مع الأحداث المتواصلة، ومن المهم التقيد بهذا الخط الحكيم، وقد يظن البعض أني أمدح من لا يستحق أو أنني بالغت، إنما لو أنصف المراقب للاحظ أني قصرت بالإشادة، فرغم وجود أخطاء لكنها قليلة ولا ترقى حتى للذكر. وعلى الشيخ صباح الخالد وزير الخارجية الاستفادة من هذه الإنجازات والسمعة المتميزة للسياسة الكويتية، بإدخال الشباب الكويتي الكفؤ في إدارات "الخارجية" والسفارات حتى يكونوا خير ممثلين للبلد، وأن يتم اصطحابهم في المهمات الخارجية، وإشراكم في اجتماعات التفاوض، والمباحثات الثنائية مع الدول، ففي ذلك فوائد عملية زاخرة وممتازة، فحضور اجتماع واحد لمباحثات ثنائية مع أي دولة يغني عن "كورس" دراسي كامل، والسياسة بحر غبه عميق، والسياسة الكويتية خير من يسبح فيه.

وفق الله صاحب السمو في حله وترحاله، وحفظ الله الكويت وشعبها وأميرها من كل مكروه.