أعلن الجهاز المركزي لمعالجة أوضاع المقيمين بصورة غير قانونية قبل فترة وصول عدد من تم تعديل أوضاعهم منذ إنشاء الجهاز حتى نهاية شهر يناير الماضي إلى 5746 فرداً، كما سبق هذا التقرير قرار "لجنة البدون" أو "الداخلية" (من كثر اللجان ضيعنا أسماءها) بالموافقة على قانون سيعرض على المجلس، يلزم الحكومة تجنيس ما لا يقل عن أربعة آلاف شخص بشرط أن يكونوا ضمن من تنطبق عليهم شروط الجهاز.   

Ad

سنوات والمعاناة تزداد يوماً بعد يوم والحياة تضيق على إخوة لنا عانوا أشد أنواع العزلة زادت بسبب عنصرية بغيضة تبناها من يعتقد أن الكويت له وحده ولا يحق لغيره مشاركته فيها، بينما هناك من يعاني الضياع والتشرد لعدم الإلمام بأهمية الجنسية وما يترتب عليها من مستحقات المواطنة.

عباءة الكرامة التي يلبسها "البدون" ظلت صامدة رغم الفقر والعوز الشديد؛ على أمل أن يتحقق الحلم المستحق أو ذلك السراب الذي صنعته الحكومة، وأخرجه المجلس ومثّله باقتدار الجهاز المركزي لمعالجة أوضاع المقيمين بصورة غير قانونية.

العذر المتكرر بعدم إقرار حق الحصول على الجنسية والحقوق المدنية هو انتماء "البدون" وأنهم ليسوا بـ"فقع" خرج من صحراء الكويت، وهم فعلاً ليسوا كذلك حالهم حال غيرهم من أهل الكويت، ولأنهم ليسوا نبتة فهم يطالبون الحكومة بإثبات ذلك، وهو ما دعاني إلى الكتابة في مقدمة المقال عن قدرة الجهاز على حصر الموطن الأصلي للبعض وإثباته، لذا المطلوب إما الإقرار بسلامة موقفهم القانوني وأن بلدهم الكويت وإما مواجهتهم عبر القضاء العادل بالأدلة والإثباتات.  

المظاهرات المستمرة لـ"البدون" لم يستطع أحد أن يوقفها أو يثنيها رغم الوجود المكثف للقوات الخاصة في كل مرة ورغم قلة المناصرين من الكويتيين، لذا فإن معالجة هذا الملف أجدى وأنفع والرهان على الزمن رهان خاسر، فهو سبب في تضخم هذا الملف وساهم في تعقيده.

الأهم من ملف التجنيس هو المعالجة الإنسانية للقضايا المستحقة التي لا تتحمل الانتظار لما لها من أثر في حياة جيل الشباب من "البدون" العاطل عن العمل وعن أبسط حقوقه المدنية في التعليم الجامعي.

السؤالان اللذان يطرحان نفسيهما: ماذا قدم المجتمع لهذا الجيل من حلول غير الفراغ والتضييق عليهم؟ وماذا وفر لهم من فرص نحو حياة كريمة؟ فأوضاعهم ومنذ تحرير الكويت تسير إلى الأسوأ، وحياتهم أصبحت شبه مستحيلة إن لم تبادر الدولة بحلول جذرية لمعالجة هذا الوضع المأساوي.

المظاهرات بالنسبة إلى "البدون" هي الحل الأخير للفت الأنظار إليهم، وهي الوسيلة التي قد تضع قضيتهم ضمن أولويات المجلس والحكومة، فالقمع لن يجدي نفعاً إن لم تكن هناك نية صادقة تعالج معاناتهم اليومية وتضمن لهم الحد الأدنى من العيش الكريم. ودمتم سالمين.