• انتهى الاجتماع الدولي الأخير في جنيف حول "النازحين" بإقرار بفشل المنظومة الدولية في التعامل مع مأساة ما يزيد على ٣٠ مليون إنسان، ينتشرون في أكثر من ٦٠ دولة. الاعتراف بالحق أو بـ"الخلل" أو بـ"التقصير" فضيلة كما يقال، ولكن الاعتراف بحد ذاته غير كافٍ.

Ad

• النازحون في العالم أسوأ حالاً من اللاجئين، وكثير منهم قد تم نزوحهم أو تهجيرهم بسبب نزاعات داخلية مسلحة، وكذلك بسبب كوارث طبيعية، وظلوا دون حماية دولية من أي نوع، مضطهدين في داخل البلد الذي ينتمون إليه، ومكشوفة ظهورهم، ومنزوعاً عنها أي نوع من أنواع الحماية الدولية، فالمنظمة الأممية الرئيسة في هذا المجال هي مفوضية شؤون اللاجئين، إلا أنها، وحتى فترة قريبة، كانت ترفض، رفضاً باتاً ومطلقاً، التعامل مع هذه الشريحة المهمشة من البشر، وكأنها متاع ملقى على قارعة الطريق.

• مفوضية شؤون اللاجئين دعت إلى الاجتماع لإعلان رغبتها في رعاية النازحين، وبالتالي على المجتمع الدولي أن يوفر الغطاء والدعم السياسي والمالي لهذه المفوضية، أو ربما إنشاء جهاز أممي مستقل للخروج من واحدة من أكثر الهموم الإنسانية إهمالاً في التاريخ الحديث، وربما يتطرق الحديث إلى تشابه كبير بينهم وبين "البدون" والذين بدأ مصطلحهم يجد مكانه في أدبيات اللاجئين والاتجار بالبشر، وسيأتي اليوم، ولن يكون ذلك بعيداً، لكي يأخذ مفهوم "البدون" مكانه الضاغط على الساحة الدولية، حينئذٍ ستدرك الدول المستنكفة عن إيجاد حلول إنسانية أنها فوتت على نفسها فرصة ذهبية. ولعل مشاهداتنا أن الأسوأ حالاً بين البشر عندما تُجمَع المأساتان في مجموعة بشرية واحدة، وهي أن تعاني مأساة النزوح مع مأساة أن تكون "بدون" في ذات الوقت.

• "الحماس" الدولي الأخير للتعامل بجدية وبإنسانية مع مأساة النازحين، كان غير مسبوق، وهو أمر محمود، فأن تأتي متأخراً خير من ألا تأتي أبداً، وهو لم يأتِ من فراغ، بل بعمل دؤوب وحملات وضغوط مستمرة، حتى وجدت صدى لدى المفوض السامي للاجئين ومدير الحماية الدولية، ونأمل أن تتم ترجمة ذلك ببرامج حقيقية على الأرض في بلاد عديدة، وعلى رأسها سورية، وكولومبيا، والكونغو، وإفريقيا الوسطي، وأخيراً الفلبين، وغيرها، لعلها تنهي مأساة إنسانية وتخفف شيئاً ما من معاناة سنين طويلة مازالت مستمرة.