إنها نفس الكلمات بترتيب مختلف ومعان مختلفة... إن الإنسان عندما تفرض عليه القيود والقوانين المجحفة والظالمة فرضا يحاول بشتى الطرق تحطيمها والهروب منها والتحايل عليها وكراهيتها؛ باعتبارها سجنا يحاول التخلص منه والخروج إلى الحرية. وهذا جُل ما نراه عند الإنسان العربي، فهو منذ ولادته تفرض عليه قوانين وقيود وأعراف وتقاليد ودين وأشياء أخرى، سمها ما شئت، يشعر معها بمرور الوقت كأنها سجن يسجنه، فيلعنها في داخله ويمجدها أمام الناس، لكنه لا يوفر جهداً في كسرها ليشعر بالتحرر منها.

Ad

 فلو فرضنا أن هذا الإنسان قد وضعت له قاعدة واحدة هي أن حريتك ملك لك وأنت حر شرط ألا تؤذي مخلوقاً، ألا تؤذي أحدا قولا وفعلا، ولك الحق بفعل أي شيء معتمدا على هذه القاعدة، فستجد هذا الإنسان هو من سيفرض على نفسه القيود التي يراها مناسبة له، افعل ما تشاء ولا تؤذ أحداً وهنا (ألا تؤذي أحدا) هي القيود والقوانين والحدود، ستكون مصدر الإبداع والتطور والتقدم وليس العادات والتقاليد والأعراف التي تتغير من حين إلى آخر حسب أمزجة الناس وتغير حالتهم المادية والمعنوية والجغرافية والتاريخية والسياسية.

لكن أعيد وأقول هنا إن القيود التي نضعها لأنفسنا أقوى ألف مرة من التي يضعها الآخرون لنا، لو فكرنا لحظة واحدة بأن نتعلمها منذ صغرنا، فحريتك وحياتك ومستقبلك، ومستقبل أولادك، لا تورث العبودية لأولادك وتضع رقبتهم تحت سوط الأعراف البالية الغبية التي حتى ديننا حذرنا منها، وأكثرها تتعارض معه، لا تقيد نفسك وأجيالا قادمة باسم أن الحرية وحش سيلتهمنا ويدمر مجتمعنا، وتنهي عاداتنا وأخلاقنا وديننا، نحن لو فكرنا بهدوء وتركنا عنا عصبية الجاهلية التي نتصف بها بامتياز لوجدنا أننا ولدنا أحراراً ولسنا عبيدا لأحد، نحن عبيد لله الواحد الأحد فقط.

هناك من سيقول هل تريدين أن نصبح مثل الغرب الجميع هناك يعيش حالة من التفكك الأخلاقي والديني و... و... سأقول لكم إنكم تقولون عنهم ذلك من وجهة نظركم الجنسية، وهذا ما تتصورون، إذاً لماذا تسافرون لديارهم وتقضون إجازاتكم هناك أنتم وعائلاتكم؟ لماذا ترسلون أبناءكم ليتعلموا هناك؟ لماذا تقفون في مطاراتهم كالجنود في الطابور دون كلمة وفي دياركم أنتم قمة الفوضى؟ لماذا تستوردون ما يصنعون؟ لماذا تتمنون لو كانت دياركم مثلهم وأنتم تفعلون العكس؟

لسبب واحد فقط؛ لأنهم أحرار، إنها الحرية، إنهم أحرار بملابسهم بسكنهم بكلامهم بأمنياتهم بحياتهم كلها، لا يملي عليهم أحد كيف يعيشون، بل هم يفعلون، لا يفعلون عكس ما يقولون، إنهم يعيشون على سجيتهم على طريقتهم البسيطة، وهذا ما نفتقده، أن نكون نحن وليس غيرنا، أن نكون أحراراً نكون أنفسنا.

ودمتم بخير.