لا شيء يجمع بين قبلة الممثلة الإيرانية المحترمة في «كان»، ولباس بحر الروسيتين على ظهر السيارة في لبنان سوى الهذيان الذي رافقهما، والهلع الفيسبوكي وكثرة حراس الأخلاق وأصحاب الفتاوى.
الممثلة الإيرانية نجمة معروفة تواجدت في مهرجان تحتشد فيه شخصيات سينمائية وفنية، ومن البديهي والطبيعي أن تتكيف مع أجواء المهرجان، ما دامت السينما اختراع الحياة، ومن البديهي أن تعيش الممثلة حياتها. لكن الجمهورية النووية الإيرانية شنّت حملة شرسة ضد ليلى حاتمي متهمة إياها بعدم احترام تقاليد وطنها خلال مشاركتها في المهرجان العالمي. وقادت الهجوم على الممثلة، التي لاتزال تعيش في إيران مع زوجها الممثل علي مصفا، صحيفة {كيهان} الحكومية المحسوبة على المرشد الإيراني علي خامنئي، قالت إنها: {ليست المرة الأولى التي لا تحترم فيها الممثلة آداب وطنها وتقاليده خلال مشاركتها في المهرجانات الغربية». وأقدمت منظمة طلبة {حزب الله} الإيرانية المقربة من الحرس الثوري الإيراني بتحريك دعوى ضد حاتمي، وطالبت بتطبيق عقوبة الجلد وحدها 50 جلدة على الممثلة للخرق الذي قامت به ضد تقاليد مجتمعها التي تمنع القبلة بين الرجل وبين المرأة، إذا لم يكن بينهما زواج موثق...وحاتمي واحدة من خمس نساء أعضاء في لجنة تحكيم جائزة السعفة الذهبية في مهرجان {كان} السينمائي الدولي، التي تضم الممثلة كارول بوكيه، المخرجة صوفيا كوبولا، ورئيسة اللجنة جان كامبيو. وسلوك الحرس الثوري الإيراني تجاه السينمائيين والكتاب والكاتبات في إيران بات معروفاً، وغالباً ما يؤدي إلى تهجيرهم ونفيهم أو سجنهم. واللافت أن هلع الحرس الثوري ضد الممثلة المعروفة والناشطة يتزامن مع نشر صور لشبان وشابات في شمال إيران بكاميرا مصور غربي، تبين جيل ما بعد الثورة الخمينية، مجموعة من الشباب والشابات الأنيقات في مختلف الحالات. كـأن ثورة مضادة تتحرك ببطء في بلاد فارس، فتيات سافرات، يرقصن على أنغام الموسيقى، يلعبن طاولة النرد في فيلا، ينفثن النرجيلة أو يلعبن البلياردو أو يقفن في وضعيات جريئة للتصوير. وشبان يمارسون هواياتهم على الأجهزة الإلكترونية الفائقة التي تصل إلى إيران عن طريق دبي... مشهديات تقول الكثير من الكلام عن بلد تسيطر عليه مجموعة من الملالي. حتى الجلوس في المقاهي هناك بات يشبه أجواء {ستاربكس} الأميركية، حيث القدر الكبير من الحياة على الطريقة الغربية. وبالتالي، هل ستغصّ الجمهورية الإيرانية التي تبلغ بحر التقاليد الغربية بقبلة ليلى؟!لبنانيبدو مشهد لباس البحر في لبنان مثيراً للسخرية ومختلفاً تماماً عن القبلة الإيرانية. لم نتعرَّف إلى ملامح وجهي الفتاتين، وهما كانتا في منطقة سياحية فيها ألف خبر وخبر عن النساء، ومن صوَّرهما كان حتماً «يبصبص» عليهما بطريقة «كبتية» إذا جاز التعبير، كان مندهشاً بهما مثل كثيرين، فوزع الفيديو بقوة على مواقع التواصل الاجتماعي، حيث شاهده الآلاف من باب الفضول و{حب البصبصة» على أمر غير معتاد في الشارع، وبقي الفيديو لأيام الأكثر مشاهدة وكتبت عبارات مرافقة له على شاكلة «هيدا لبنان»، في حين كان السؤال: من يجرؤ أن يظهر بلباس البحر على ظهر سيارة وفي بلد يعتبر ذلك خدشاً للحياء العام؟ كما ردد البعض: «شفتو البنتين بالزلط، العمى بعيونهن، بلا مخ».كان يمكن لـ{البكيني» أن يتصدر نشرات الأخبار اللبنانية كما حال تمساح نهر بيروت. ولكن صدر عن المديرية العامة لقوى الأمن الداخلي في لبنان (شعبة العلاقات العامة) البلاغ التالي: «تتناقل وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي ابتداء من تاريخ 22 مايو 2014 صورة سيارة من نوع «مرسيدس 240» سوداء على أوتوستراد جونية، تجلس على سطحها فتاتان ترتديان ثياب البحر. وبعد المتابعة تبين أن مفرزة سير جونية في وحدة الدرك الإقليمي، حجزت السيارة بذات التاريخ على المسلك الشرقي من أوتوستراد جونية، وطلب في حينه من الفتاتين الأجنبيتين ارتداء لباسهما...».تصرف الروسيتين الغبي والتفاعل الفيسبوكي الأخرق الذي رافقه، يذكرنا في جانب منه بصور جاكي شمعون العارية وصور الفنانة رشا مكحل وغيرهما، إذ يمكن للباس البحر في لبنان أن يثير بلبلة ويجعل من الدجاجة أشهر من نار على علم. كان في مخيلة كثير من «أركان» البرامج الصفراء على القنوات التلفزيونية اللبنانية نيّة استضافة «فتاتي البكيني»، لكن جنسيتهما الروسية خذلت الطامحين إلى السبق الإعلامي وأظهرت أننا مازلنا في زمن التحجب رغم كثرة العري.باختصار، بين «قبلة الممثلة الإيرانية» وبين «بكيني سيارة جونية» صورة عن أمورهامشية وبديهية في العالم لاتزال تسيطر على مجتمعاتنا وتحتل الأولوية وكأنها قضايا قاتلة، تارة باسم خدش الحياء وطوراً باسم تقاليد الأمة.
توابل
قبلة ليلى حاتمي و بكيني لبنان!
29-05-2014