العبور العظيم الذي عبر به شعب مصر أهم محطة من محطات خارطة الطريق، وهي محطة انتخاب رئيس الجمهورية، هو عبور لا يقل خطراً وأثراً عن عبور الجيش المصري قناة السويس في 6 أكتوبر 1973.

Ad

عبور 6 أكتوبر 1973

لهذا لم تقل فرحة الشعب المصري بعبور هذه المحطة عن فرحته بعبور قواته المسلحة خط بارليف، الخط المنيع الذي شهدت المعاهد والأكاديميات العسكرية في العالم كله أنه أقوى وأخطر الموانع التي شهدها العالم في كل الحروب، فهو خط يسبقه مانع مائي، كانت فوهات مواسير النابالم على ضفته الغربية التي يحتلها العدو على أهبة الاستعداد لإفراغ ما فيها من نابالم في مياه قناة السويس؛ ليصبح هذا المانع كتلة مشتعلة بالنيران، تحرق كل من تسوّل له نفسه عبور هذا المانع، فضلا عن الساتر الترابي الذي يقف خلف هذا المانع، ولكنها إرادة الشعب المصري وتصميمه، ممثلة في شعب مصر وقواته المسلحة التي خرجت من رحم هذا الشعب، تهتف بحياة مصر.

عبور المرحلة الانتقالية

ولم يكن عبور المرحلة الانتقالية التي عبرت عنها خارطة الطريق في أهم محطاتها، وهي اختيار رئيس مصر، ليعبر بها مخاطر الطريق إلى مستقبل واعد ينعم فيه الشعب المصري بالأمن والاستقرار اللذين افتقدهما منذ قيامه بثورته العظيمة في 25 يناير، والتي صححها في 30 يونيو 2013، لم يكن هذا العبور أقل خطراً من عبور المانع المائي وتحطيم خط بارليف، فقد كان الطريق إلى استكمال هذه الخارطة محفوفاً بإرهاب لم تشهد له مصر مثيلاً، إرهاب كان هدفه ولا يزال إسقاط الدولة وضياع وطن؛ ليحكمه الجهاديون والتكفيريون من كل بقاع العالم، حكماً يعيدون معه ظلام العصور الوسطى ومحاكم التفتيش إلى الشرق الأوسط الكبير الذي خطط له الغرب؛ لتنعم شعوبه وشعب إسرائيل بالأمن والاستقرار وراحة البال، وليغرق العرب والمسلمون في أتون حروب أهلية بين فصائل الجهاديين والتكفيريين التي تركت حربها المقدسة ضد الغرب وإسرائيل! إلى حرب مقدسة أخرى! ضد الشعوب العربية والإسلامية التي كفروها لإقامة مشروعهم الإسلامي، الذي تغيب عنه كل مبادئ الإسلام السمحة وتعاليمه الطيبة المليئة بالخير والعطاء للإنسانية كلها.

استرداد كرامة شعب

لهذا كانت فرحة المصريين بهذا العبور لا تقل عن فرحتهم بعبور القوات المصرية خط بارليف المنيع في 6 أكتوبر سنة 1973، فكلاهما رد لكرامة المصريين التي سلبت منهم، في لحظتين فارقتين جمع بينهما الكذب والخديعة، فإسرائيل لم تحصل على هذا النصر السهل الذي حققته في حرب الأيام الستة التي بدأت في 5 يونيو سنة 1967 إلا بعد الكذب والخداع الذي مارسته ومن خلفها أميركا التي ضمنت لمصر أن إسرائيل لن تبدأ الحرب، وهو ما أكده الأمين العام للأمم المتحدة الأسبق يوثانت لزعيم مصر الراحل جمال عبدالناصر.

فقد استرد المصريون بانتخاب رئيسهم الجديد خلفاً للرئيس محمد مرسي الذي عزله الشعب المصري كرامتهم، وذلك عندما خرج ذلك الشعب بالملايين في 30 يونيو في كل ميادين مصر وساحاتها، يطالب برحيل حاكم لم يف بكل وعوده التي وعد بها الشعب، وحنث بكل عهوده في أن يكون رئيساً لكل المصريين، يوحد ولا يفرق، يحترم الدستور والقوانين، ويذود عن مصالح شعبه وأمواله وأرض مصر التي استباحها الإرهابيون من أنصاره ومريديه، يزرعون فيها الخوف والرعب، ويقتلون ضباط الجيش والشرطة لترويعهم، ولنزع غطاء الأمن والأمان عن هذا الشعب الأبي.

إنها إرادة شعب عظيم، خرج ومن ورائه العرب جميعاً، لتحقيق مستقبل واعد لأمة عظيمة قلبها مصر، ودرعها شعب مصر، وأمانها في أمان مصر.

وللحديث بقية حول نتائج الانتخابات إن كان في العمر بقية.