قانونيون: تقاضي المواطنين مباشرة أمام «الدستورية» ينهي سنوات طويلة من قصره على السلطتين

نشر في 08-06-2014 | 00:06
آخر تحديث 08-06-2014 | 00:06
بعد إقرار اللجنة التشريعية البرلمانية تعديلات على قانون إنشاء المحكمة

يمنح التعديل المقترح على قانون إنشاء المحكمة الدستورية المواطنين حق الطعن المباشر أمام الأخيرة في عدم دستورية العديد من القوانين التي تتضمنها شبهات، بدلا من السير في طريق غير مباشر قد يستغرق وقتا أطول أو لا يصل إليها.
اقترب مجلس الأمة من إقرار التعديلات على قانون إنشاء المحكمة الدستورية بالسماح للمواطنين باللجوء إلى الأخيرة مباشرة، بعد موافقة اللجنة التشريعية في المجلس الاسبوع الماضي على الاقتراح المقدم من النائب راكان النصف، على أن يكون الطعن على القوانين الحالية بعد 60 يوما من نشر التعديل الحالي في الجريدة الرسمية.

ورغم محاولات المجالس السابقة تعديل قانون إنشاء المحكمة الدستورية بالسماح للمواطنين بالطعن المباشر على العديد من القوانين التي تشوبها بعض الشبهات، لكن المجلس الحالي قد يتمكن من اعتماد هذا التعديل ما لم تعترض الحكومة على إقراره.

وسيسمح التعديل، في حال إقراره، بأحقية المواطنين في الطعن المباشر أمام المحكمة الدستورية بعدم دستورية العديد من القوانين التي تتضمنها شبهات، بدلا من السير في طريق الطعن غير المباشر، الذي قد يستغرق وقتا أطول للوصول إلى «الدستورية»، أو حتى عدم الوصول إليها، خصوصا إذا لم تقتنع المحاكم العادية بسلامة الدفع بعدم الدستورية، ما سيجعل أمر الوصول إلى «الدستورية» صعبا.

وحظيت موافقة اللجنة التشريعية بالعديد من ردود الفعل المؤيدة لتعديل القانون كونه ينهي سنوات طويلة من المطالبات الشعبية بأحقية المواطنين في اللجوء المباشر إلى المحكمة الدستورية، بعد أن كان مقصورا على السلطتين التشريعية والتنفيذية.

رقابة مباشرة

بداية، قال رئيس جمعية المحامين الكويتية المحامي وسمي الوسمي إن «موافقة اللجنة التشريعية على تعديل قانون المحكمة الدستورية بما يسمح للمواطن العادي بحق اللجوء المباشر إلى الدستورية خطوة مهمة تساهم في منح المواطن أحقية الرقابة المباشرة على القوانين التي يصدرها مجلس الأمة وتعتريها شبهات بعدم الدستورية».

وأضاف الوسمي أن «قانون المحكمة الدستورية منح للمتقاضي العادي حق اللجوء إلى المحكمة الدستورية من خلال رفع الدعاوى الموضوعية، ومن ثم يتم الدفع بعدم دستورية إحدى المواد التي يستند إليها النزاع، ويتم الطلب من المحكمة التي تنظر النزاع إحالة الدفع إلى الدستورية للنظر فيه بعد أن تنتهي إلى جديته، وإذا لم تر محكمة الموضوع الجدية ترفضه، ما يتطلب من المتقاضي الطعن على قرار عدم الجدية خلال شهر أمام لجنة فحص الطعون، وللأخيرة التقرير بجدية الدفع وإحالته إلى الدستورية أو رفض الطعن وتأييد حكم محكمة الموضوع».

وتابع ان «هذا التعديل اختصر هذا الطريق الطويل للوصول إلى المحكمة الدستورية، ليسمح لاي متقاض باللجوء إليها طالبا الحكم بعدم دستورية القانون، وللمحكمة أن تقرر الحكم بدستورية أو عدم دستورية القانون، بهدف وقف استمرار العديد من القوانين التي بها شبهات بعدم الدستورية، ولم يتسن للمحكمة أن تنظرها منذ إنشاء قانونها بسبب رفض الدفوع المقامة من المواطنين بعدم الدستورية عبر العديد من محاكم الموضوع التي انتهت إلى عدم جديتها».

وزاد ان «على مجلس الأمة الاسراع في إقرار التعديل، على ألا يتضمن أي قيود جديدة على المتقاضي العادي إذا قرر اللجوء إلى المحكمة الدستورية، لان وضع القيود غير التنظيمية سيثير إلى القانون شبهة عدم الدستورية».

تفعيل حقيقي

بدوره، ذكر عضو مكتب أركان للاستشارات القانونية المحامي د. فايز الفضلي أن «تعديل قانون إنشاء المحكمة الدستورية بما يسمح للمواطن الطعن المباشر أمام المحكمة هو تفعيل حقيقي لحق المواطن من دون الحصول على أية قيود»، لافتا إلى أن التشريع الحالي محل التعديل يجب ألا يكون مقيدا للمواطن في اللجوء إلى المحكمة الدستورية، وإلا سيكون حبرا على ورق.

واردف الفضلي ان «الواقع العملي يشهد وجود العديد من التشريعات التي تشوبها شبهات بعدم الدستورية، ولا توجد وسيلة للطعن عليها إلا من خلال طريق غير مباشر، عبر نظر المحاكم العادية التي لها أن تقبل بعد أن ترى جدية الدفع بعدم الدستورية أو ترفض الدفع».

ولفت الى انه «حتى الطعن على قرار الجدية أمام لجنة فحص الطعون سيكون هو الآخر محل تقدير الأخيرة، ومثل تلك القيود لن تسمح للمواطن العادي بالوصول إلى المحكمة الدستورية، رغم سماح القانون الحالي للسلطتين التشريعية والتنفيذية بالوصول إليها مباشرة».

وبين ان لجوء المواطن إلى المحكمة الدستورية هو تفعيل حقيقي لفكرة رقابة الرأي العام، التي أشارت إليها المذكرة التفسيرية بالدستور للمواطنين، على أعمال السلطتين، وبالتالي سيسمح التشريع للمواطن باللجوء إلى المحكمة الدستورية للنظر في التشريعات التي تصدرها السلطتان، وتكون مخالفة للدستور».

وأشار إلى أن «فكرة الديمقرطية التي تبناها الدستور الكويتي للمواطنين من كفالته للحقوق والواجبات يجب أن تتجسد أيضا بحقه الطبيعي في اللجوء إلى القضاء الكامل من عادي واستثنائي من دون أي قيود».

حق طبيعي

من جهته، أكد المحامي سليمان الصيفي أن «لجوء المواطن إلى المحكمة الدستورية بشكل مباشر ودون أي قيود حق طبيعي له للحصول على حقوقه التي كفلها الدستور والدفاع عنها»، لافتا إلى أن «مساواة المشرع بين المواطن والسلطتين التشريعية والتنفيذية في اللجوء إلى المحكمة الدستورية، وعدم قصر هذا الحق على فئة معينة يجسد مبدأ المساواة في اللجوء إلى القضاء».

واضاف الصيفي ان «على المشرع الكويتي العمل نحو إزالة أي قيود تحول دون لجوء المواطن إلى القضاء العادي والاستثنائي كقضاء المحكمة الدستورية، لأن وضع أي قيود يخالف الاصل الدستوري الذي كفله الدستور بأحقية المواطن في اللجوء إلى القضاء».

واستدرك ان «وجود العديد من القوانين التي تشوبها شبهات غير دستورية يسيء إلى الدستور الكويتي، فضلا عن أن القواعد الحالية الواردة بقانون إنشاء المحكمة الدستورية تجعل من اللجوء إليها أمرا يصعب تحقيقه لارتباطه بالعديد من القيود كاشتراط جدية الدفع بعدم الدستورية الذي تقدره المحاكم العادية دون أن يكون هناك معيار لمعنى الجدية».

واوضح ان «إقرار التعديلات على قانون إنشاء المحكمة الدستورية بما يسمح باللجوء المباشر للمواطنين إلى المحكمة الدستورية سيعمل على استقرار المراكز القانونية للعديد من التشريعات التي تعتريها العديد من الشبهات الدستورية، وسيسمح للأفراد بحق الرقابة المباشرة على التشريعات التي تصدرها السلطتان التشريعية والتنفيذية».

وتابع ان «إقرار التعديلات على قانون إنشاء المحكمة الدستورية يتطلب إنشاء دائرة ثانية فيها لتحمل عدد الطعون التي تعرض أمامها، ولسرعة الفصل فيها، لأن وجود دائرة واحدة، كما هو حاليا، لن يسمح للمحكمة بسرعة الفصل في الطعون، كما أن هناك العديد من المستشارين المؤهلين للفصل في القضايا التي تعرض على المحكمة».

عيب شكلي

من جانبه، شدد المحامي محمد دشتي على أن «التعديل خطوة سليمة في الاتجاه الصحيح وإن كانت متأخرة، فالمشروعية والدستورية هي المبادئ التي تحكم دولة القانون، وبما أن العديد من مشاريع إبطال بعض النصوص التي بها شبهة عدم الدستورية كانت تتعطل بسبب عيب في اتصالها بالمحكمة، وهو عيب شكلي يعرقل الحق الأصيل في الطعن في القوانين التي تنتهك الحقوق الدستورية للأفراد وقد تصل للتعدي على حرياتهم، لذا كان لزاما أن يتم تعديل آلية قبول طلبات (عدم الدستورية) بصورة أوسع مما كانت عليه حماية للحق وصونا لمقومات الحرية».

والمح دشتي إلى أنه يتعين ان يتم تعديل آلية قبول الطلبات وتنظيمها، لأن فتح الباب سيترتب عليه طعون كثيرة، كما يجب الالتفات إلى أن الطعن بعدم الدستورية يجب ألا يستغل لتأخير الفصل في الدعاوى المنظورة، خاصة في حالة تعسف الخصوم في استغلال هذا الحق، وعليه يجب على مجلس الأمة الانتباه لهذا الأمر عند المداولة الأولى والثانية قبل التصويت على القانون».

back to top