أخذت قضية "التسجيلات" ومستندات التحويلات المالية منحى جديداً أمس، بعد البلاغات التي قدمت ودخول الهيئة العامة لمكافحة الفساد على خط التحقيق ومباشرة إجراءاتها وفق صلاحيتها، مع تأكيدها أنها ستتعامل مع السلطات البريطانية لكشف ملابسات تلك المستندات.

Ad

وكشف رئيس الهيئة المستشار عبدالرحمن النمش عن بدء التحقيق في واقعة المستندات المالية التي أثيرت في الفترة الأخيرة وفق المادة ٢٤ من قانون الهيئة، والتي تسمح لها بالتحقيق إذا وجدت شبهة فساد لتقوم بإحالتها إلى النيابة العامة للنظر فيها.

وقال النمش لـ"الجريدة": "سنقوم بالتحقيق في تلك الوقائع، وسنتعامل مع مكاتب أجنبية خارجية، وكذلك مع السلطات البريطانية"، لافتاً إلى أن هناك جهات خارجية أبدت استعدادها للتعاون "لبحث وبيان واسترداد الأموال التي تعتريها شبهة الفساد، إن وجدت".

وأوضح أن الهيئة ستتحرك وفق إمكانياتها الحالية، "لأن الأمر يتعلق بالسلطات العامة في الدولة"، مشيراً إلى أن تلك القضية "تمس كيان الدولة"، مبيناً أن "الهيئة لن تتلقى أي بلاغات أخرى تتعلق بالفساد أو التحقيق أو التحري أو تلقي إقرارات ذمة، إلا بعد اعتماد اللائحة التنفيذية المعروضة على مجلس الوزراء، والتي تخضع لرأي إدارة الفتوى والتشريع".

ومن هيئة مكافحة الفساد إلى قصر العدل، حيث قدم رئيس مجلس الوزراء سمو الشيخ جابر المبارك أمس بلاغاً إلى النيابة العامة يطالبها بالتحقيق في الوقائع التي عرضها الشيخ أحمد الفهد، خلال لقائه التلفزيوني بقناة الوطن السبت الماضي، والتي تشكل جرائم وفق قانون الجزاء، فضلاً عن التحقيق مع الفهد في الوقائع التي أوردها بالمقابلة.

وأعلن وزير الدولة لشؤون مجلس الوزراء وزير العدل بالوكالة الشيخ محمد العبدالله في تصريح لـ"كونا" أن المبارك "تقدم إلى النائب العام بهذا الطلب للتحقق والتحقيق في ما أثير من شبهة جرائم غسل أموال والتعدي على المال العام، والتعامل مع إسرائيل"، حسب ما ورد في اللقاء.

وجاء في كتاب المبارك للنائب العام: "إننا نرفق لكم كل ما لدينا من مستندات حول هذا الموضوع والتي استلمناها من القيادة السياسية، احتراماً للقسم العظيم الذي أقسمناه والثقة الغالية التي أولانا إياها حضرة صاحب السمو الأمير حفظه الله ورعاه، والأمانة التي عهد بها إلينا، والتي تستوجب منا عدم التستر أو التسويف أو المماطلة في اتخاذ الإجراءات القانونية فوراً ضد كل من تسول له نفسه محاولة العبث بأمن الكويت واستقرار الحكم فيها ووحدتها الوطنية والمساس بالمال العام، وتأكيداً لما سبق أن أعلناه من دعوة كل من لديه معلومات أو مستندات أو وثائق أو أدلة في هذا الشأن ألا يتردد في التقدم شخصياً، ومن منطلق مسؤولياته الوطنية ببلاغ إلى النائب العام".

وعلى الصعيد ذاته، وفي ضوء ما شهدته الساحة المحلية من أحداث خلال الأسبوع الماضي، قرر مجلس الوزراء تكليف وزير الدولة لشؤون مجلس الوزراء وزير العدل بالوكالة التنسيقَ مع إدارة الفتوى والتشريع لتقديم بلاغ إلى النائب العام للتحقيق فيما ورد من أقوال ووقائع خلال الندوة التي أقيمت يوم الثلاثاء الماضي، والتحقيق في المستندات والبيانات التي قدمت خلالها، واتخاذ الإجراءات القانونية في حق كل من ثبت ارتكابه جريمة، وفقاً لأحكام القانون، وذلك لحماية أمن المجتمع وصيانة المال العام وإعلاء سلطان القانون.

وجدد المجلس، في بيانه الأسبوعي أمس، الدعوة التي وجهها سمو رئيس مجلس الوزراء بأن على كل من لديه معلومات أو مستندات أو وثائق أو أدلة في شأن أي موضوع قد يشكل جريمة جزائية ألا يتردد في التقدم شخصياً، ومن منطلق مسؤولياته الوطنية ببلاغ إلى النائب العام.

ومن جانبه، تقدم وكيل الشيخ أحمد الفهد المحامي فلاح الحجرف صباح أمس ببلاغ إلى النائب العام ضد كل من رئيس مجلس الوزراء السابق سمو الشيخ ناصر المحمد، ورئيس مجلس الأمة السابق جاسم الخرافي بوقائع غسل أموال، والتآمر على نظام الحكم، والاستيلاء على المال العام، والرشوة، وأرفق الحجرف ببلاغه عن الفهد تقارير وحكماً صادراً عن هيئة تحكيم أجنبية يخص موضوع التسجيلات.

وعلى صعيد متصل، أصدرت حركة العمل الشعبي "حشد" أمس بياناً أكدت فيه تضامنها مع أمينها العام النائب السابق مسلم البراك، "وحقه في الحديث عن أي بيانات أو معلومات وصلت إليه وكشفِها، إضافة إلى كشف أي مظاهر للفساد حماية للمال العام".

ودعت الحركة في الوقت ذاته إلى اتخاذ "خطوات مرحلية فورية تقطع الطريق على تحالفات قوى الفساد والإفساد والأطراف المعادية للنظام الدستوري" عبر إسقاط الحكومة والمجلس، وسحب مرسوم الصوت الواحد، واسترداد أي أموال منهوبة ومحاكمة المتورطين.

واعتبرت أن المستشار فيصل المرشد لم يعد قانوناً رئيساً للمجلس الأعلى للقضاء، بعد أن تقدم باستقالته، مشيرة إلى أن إحالة الملف إلى النائب العام لمباشرة تحريك الشكوى الجزائية والتحقيق في المستندات باتت غير ذات جدوى ومنعدمة الصلاحية لكون النائب العام عضواً في "الأعلى للقضاء".

واستعرضت "حشد" في بيانها تفاصيل أوراق وتحويلات مالية خارجية منها:

"أولاً - من هذه الأوراق ما هو عبارة عن حساب خارجي لشخص واحد، وأن الحساب عن فترة ثلاثة أشهر فقط، وذلك من 2013/3/1 إلى 2013/5/31، وأنه تضمن تعاملات مع العصابات الصهيونية في فلسطين المحتلة بالشيكل الصهيوني، مما يعتبر دعماً لاقتصاد العصابات الصهيونية مع كل ما يمكن أن يمثله ذلك من خطر على الأمنين الوطني والقومي، وأن من بين ما تضمنته هذه الأوراق بل هذا الحساب تحديداً ما يلي:

1- عدد (15) تحويلاً تمت في الفترة من 2013/3/6 إلى 2013/5/16 إلى بنك تابع للعصابات الصهيونية في فلسطين المحتلة، حيث بلغ إجمالي هذه التحويلات 6 مليارات و194 مليونا و784 ألفا و849 جنيها إسترلينيا و0,3 بنس (6,194,784,849/03 جنيها استرلينيا).

2 - عدد (22) تحويلاً تمت في الفترة من 2013/3/12 إلى 2013/5/31 إلى حساب أو حسابات في بنك تابع للعصابات الصهيونية ربما في فلسطين المحتلة أو في خارجها، حيث بلغ إجمالي هذه التحويلات 8 مليارات و266 مليونا و169 ألفا و161 جنيها استرلينيا و0,6 بنس (8,266,169,161/06 جنيها استرلينيا).

3 - عدد (25) تحويلاً لأفراد وشركات تثير التساؤلات وما إذا كانت تشتمل على شبهة رشاوى تمت في الفترة من 2013/3/21 إلى 2013/5/31 بلغت في مجموعها 828 مليونا و601 ألفا و765 جنيها استرلينيا و0,9 بنس (828,601,765/09 جنيها استرلينيا).

4 - عدد (23) إيداعاً تمت في الفترة من 2013/3/1 إلى 2013/5/16 وردت من مصادر مختلفة، حيث بلغ إجمالي هذه الإيداعات 10 مليارات و631 مليونا و431 ألفا و979 جنيها استرلينيا (10,631,493,979 جنيها استرلينيا). (ملاحظة من ضمنها تحويل واحد بمبلغ 144 مليونا و999 ألفا و450 جنيها استرلينيا وبنس واحد (144,999,450/01 جنيها استرلينيا لم يذكر فيه اسم البنك وانما اسم الحساب فقط).

وعليه، فإن ما ورد في (1) و(2) أعلاه من تحويلات بلغت 37 تحويلا لبنك تابع للعصابات الصهيونية في فلسطين المحتلة ولحساب أو حسابات لبنك تابع للعصابات الصهيونية في فلسطين المحتلة أو في خارجها بلغت في مجموعها 14 مليارا و460 مليونا و954 ألفا وعشر جنيهات استرلينية و09 بنسات (14,460,954,010/09 جنيهات استرلينية).

أما إجمالي ما تضمنه هذا الحساب من تحويلات وإيداعات مما ورد في 1 و2 و3 و4 فقد بلغ 25 ملياراً و921 مليوناً و49 ألفاً و754 جنيهاً استرلينياً و18 بنساً (25.921.049.754/18 جنيهاً استرلينياً).

ثانياً: تضمنت هذه الأوراق كشف حساب بتاريخ 2007/6/30 برصيد 235 مليوناً و513 ألفاً و390 دولاراً أميركياً و31 سنتاً (235.513.390/31 دولاراً أميركياً).

ثالثاً: تضمنت هذه الأوراق كشف حساب بتاريخ 2013/12/31 برصيد 17 ملياراً و281 مليوناً و109 آلاف و178 دولاراً أميركياً و7 سنتات (17.281.109.178/07 دولاراً أميركياً).

رابعاً: تضمنت هذه الأوراق إشعاراً بتاريخ 2013/11/6 بتحويل مبلغ 3 مليارات و445 مليوناً و675 ألفاً و877 دولاراً أميركياً و66 سنتاً (3.445.675.877/66 دولاراً أميركياً) وذكر الإشعار أن هذا المبلغ يعادل 12 ملياراً و85 مليوناً و7 آلاف و776 شيكلاً صهيونياً و83 أجوروتاً (12.085.007.776/83 شيكلاً صهيونياً) وورد في الإشعار أيضاً أن الحساب في بنك يقع بطريق-روتشيلد في تل أبيب".

وجددت الحركة مطالبتها باتباع الإجراءات التي قامت بها الدولة خلال فترة الاحتلال العراقي لحصر أموال صدام حسين، كما طالبت بعدة أمور منها:

"أولاً: التزام المؤسسة بتقديم كل ما تتوصل إليه من بيانات الإيداعات والتحويلات ومبالغها والجهة المودع لها، والجهة المحول منها، التي تتعلق بالأشخاص الذين وردت أسماؤهم أو الشركات التي وردت أسماؤها في أي مستندات أو أي بيانات أو أي معلومات متداولة، أو في أي أشرطة تسجيل ذات صلة أو تتعلق بأي أسماء وردت في حسابات أي من هؤلاء، حتى وإن لم تكن هذه الأسماء قد وردت في المستندات أو البيانات أو المعلومات أو أشرطة التسجيل السالف ذكرها، على أن يشمل ذلك المصارف والمؤسسات المالية الأخرى مثل شركات الضمان، وصناديق الائتمان، ومؤسسات الصرافة، وصناديق الاستثمار في أي دولة، وبيان أرصدة حسابات كل طرف فرداً كان أو شركة.

ثانياً: أن تقدم المؤسسة بيانات وإفادات - موثقة باليمين أمام الجهات المختصة في البلد مقر المؤسسة - تتضمن كشوفاً مبينة فيها أسماء وصفات ووظائف ومراكز كل من التقى به أي مسؤول في المؤسسة، أو أي من العاملين الآخرين فيها في شأن هذا التعاقد، بمن فيهم من تم اللقاء بهم من الوكلاء أو الوسطاء والممثلين أو المستشارين، وسواء كان أي من هؤلاء من الأشخاص الطبيعيين أو الاعتباريين.

ثالثا: أن تعلن المؤسسة رسمياً بعد انتهائها من إعداد تقريرها تفاصيل كل ما انتهت إليه مما ورد في أولاً وثانياً، وبما تضمنه التقرير من نتائج ومن أسماء لأفراد أو شركات في مؤتمر صحافي تتحمل تكاليف الدعوة له وإعداده الحكومة، ثم ترسل بعد ذلك صورة "محرزة" طبق الأصل من التقرير الذي أعلن وتعتبر مساوية له في القوة القانونية إلى النيابة العامة.

وبعد استكمال كل الإجراءات القانونية فلابد من النظر في تفعيل مبادرة البنك الدولي والأمم المتحدة والإنتربول باسترداد الأصول المنهوبة المعروفة باسم ستار (STAR) وهي المبادرة التي، وإن كانت تسقط الحصانات السياسية والدبلوماسية لمصلحة الدول، إلا أنها في الوقت ذاته توفر ضمانات قانونية للمتهمين".