«... وآخرتها معاكم»
إشكالية مكونات المجلس لن تنتهي، والغرض واضح وهو إسقاط جابر المبارك دون غيره، فأي إصلاح ننشده من هذه الاستقالات، ولا تقولوا إن الهدف منها هو الإصلاح، وإن الأسرة قادرة على تقديم الشخص المناسب لما فيها من الكفاءات، وإن كان فماذا سيقدم هذا أو ذاك إذا استمر الصراع على كرسي رئاسة الوزراء؟ وهل سيكون بمقدوره إحداث التوازن المنشود؟
إن سلمنا فرضاً أن بإمكان الحكومة العمل تحت مرمى الاستجوابات، وأنها قادرة على المضي بخططها حسب برنامج العمل، فهل هي قادرة على العمل تحت تهديد سيف الحل؟ما أفهمه أن الدستور لم يتغير منذ إنشائه، بل ما يتغير هو تصرفات الحكومة ومواقفها وسلوك أعضاء مجلس الأمة ومواقفهم تجاهه، ولو رجعنا إلى كل المجالس السابقة لوجدنا أن لعبة سياسة القوى حاضرة، والموقف يتغير من أقصى اليمين إلى أقصى اليسار حسب المصلحة لا المبدأ.حقاً إنه عالم السياسة الذي لا يعرف المبادئ، فإلى هذه اللحظة لم أجد مبرراً يجتمع عليه "الشامي مع المغربي" فمن شارك في "الصوت الواحد" تجده في صف من قاطع، والمشهد يتكرر كل يوم بصور وألوان قد تكون نسخة طبق الأصل، فأعداء رئيس الحكومة بالأمس القريب كانوا أصدقاءه، والأصدقاء صاروا بقدرة قادر أعداء. قد يكون الشعب الكويتي من أكثر الشعوب تعلقاً بالأحداث السياسية، فهو لا يرتاح إن لم يجد موضوعاً يتكلم عنه، والسبب قد يكون خارجاً عن إرادته، فهو يمر بمرحلة انتقالية من ناحية التركيبة السكانية، فالحاضر غير الماضي وزمن الأمية قد ولَّى ولم يعد بالإمكان استخدام نفس اللغة و"الشيوخ أبخص" بعد أن تساوت الرؤوس. على فكرة قضية الرؤوس تساوت ليست بدعة، بل إنها بدهية في علم الاجتماع تمر فيها كل الحضارات، ومن يدركها فهو الشاطر.لنعد مرة أخرى إلى تبعات الاستقالة، وهل الهدف منها تسجيل موقف لوقف الفساد في المؤسسة التنفيذية والتشريعية، ولنذهب بعيداً، ولنأخذ بما يريده المستقيلون، وهو حلّ مجلس الأمة وإسقاط الحكومة... فماذا بعد؟ستعاد الانتخابات وبـ"الصوت الواحد"، والمعارضة قالت رأيها بأنها لن تخوض الانتخابات ما لم يتم تعديل مرسوم "الصوت الواحد"، والشعب ليس أمامه إلا انتخاب ما هو موجود أمامه من أسماء، إذاً إشكالية مكونات المجلس لن تنتهي، والغرض واضح وهو إسقاط جابر المبارك دون غيره، فأي إصلاح ننشده من هذه الاستقالات، ولا تقولوا إن الهدف منها هو الإصلاح، وإن الأسرة قادرة على تقديم الشخص المناسب لما فيها من الكفاءات، وإن كان فماذا سيقدم هذا أو ذاك إذا استمر الصراع على كرسي رئاسة الوزراء؟ وهل سيكون بمقدوره إحداث التوازن المنشود؟.... "أشك".العمل السياسي ليس مرتبطاً بنتيجة التصويت بل بمحاربة الفساد الإداري والمالي وتطبيق القانون الذي نسمع عنه ولا نراه، ولو كان غير ذلك لما تقدمت الدول، فالعمل السياسي يعتمد على المثابرة في الإصلاح عبر خلق مزاج عام يحارب الفساد بغض النظر عن النتائج الآنية "فالحق أحق أن يتبع"، وعدم اليأس من "استيحاش" طريق الحق لقلة سالكيه، فالحقيقة لا يخفيها السراب مهما طال الزمن. ودمتم سالمين.