صباحات الدم والادعاءات
يبدو أننا يجب أن نعتاد طبيعةَ حياةٍ مختلفةٍ قرر تنظيم "الإخوان المسلمين" وتوابعه أن يفرضوها علينا، فكما سبق أن ذكرت في هذا المكان أنهم قرروا إما أن يحكمونا أو أن يقتلونا.أصبحت النتيجة الآن أن صباحنا بات مختلفاً، ما تفعله أيادي التنظيم السوداء بات شريكاً ثقيلاً في حياتنا عبر صفحات صحف الصباح أو أخبار نشراته وبرامجه، يسطر تنظيم الإخوان صفحات ممزوجة بالدم والمراوغة، وأصبحنا نخشى أن نستيقظ يومياً على مثل هذه الأخبار، هذا إحساس يبدو مزعجاً، وأخشى أن تكون هذه ملامح حياة علينا أن نتقبل التعايش معها إلى حين القضاء على هذه الظاهرة.
هذه هي الصباحات التي يريدها الإخوان للمصريين، مليئة بالدم والقتل والعنف، لأنهم رفضوا أن يتركوا الجماعة على سدة الحكم، ثم تعود الجماعة لتقدم اعتذاراً كاذباً، وادّعاءات تصور الإخوان فيها كأنهم ضحايا، ويساعدها في ذلك منظمات تدعي الحياد والحياد منها بريء، إن المسؤول عن كل القتلى بين المصريين أياً كان توجههم يتحمّله قيادات تلك الجماعة ومَن وراءها لتنفيذ ما يناسبهم من مخططات على حساب الوطن.كشفت الجماعة عن خبث نواياها، بصباحات الدم، وعشرات الشهداء من الجنود والمواطنين الأبرياء الذين كانوا ضحية عنفها، في مديرية أمن القاهرة، وقبلها في مديرية أمن المنصورة، وقبلها في سيناء، وكثيرون سقطوا بخرطوش الإخوان في تظاهراتهم، ثم يعودون للكذب مرة أخرى، فيشير أحد نشطائهم في تدوينة له نشرتها إحدى الصحف أن أخطر ما في فكر "الإخوان المسلمين" هو منهجهم التربوي الذي يهدف إلى تأسيس مجتمع مسلم عبر الدعوة إلى الله بالحكمة والموعظة الحسنة، معتبراً أن هذا المنهج خطير جداً لأنه سيؤسس بؤرة مجتمعية تؤمن بأن "الله غايتنا والرسول قدوتنا والقرآن دستورنا والموت في سبيل الله أسمى أمانينا"، موضحاً أن "الإنسان لا يحتاج إلى كثير علم وطول مراقبة حتى يكتشف أنها الجماعة الأخطر في نظر الشرق والغرب، لأنها تؤمن بالجهاد والتربية ومكافحة الفساد"، واستطرد قائلاً: "الإخوان جماعة دعوية بدأت في المساجد، وهدفها المجتمع، ومنهاجها الكتاب والسنة، وأعضاؤها هم جميع أطياف المجتمع، لذلك هم الأخطر على العلمانية". هذا الكلام، الذي عاد الإخوان لترديده، لتحسين صورتهم، لم يعد ينطلي حتى على البلهاء، فأي مجتمع مسلم يتحدثون عنه، وهم يقتلون الأبرياء، وأي منهج تربوي الذي يدفعهم إلى الدفع بقواعدهم وشباب الجامعات إلى الموت حتى يتاجروا بدمائهم.لا يجيد الإخوان سوى المتاجرة، مرة بالدين، ومرة بمَن يدفعونهم إلى الموت حتى يصنعوا مظلومية تاريخية، لا يؤمن الإخوان إلا بالخداع، دينهم التُّقية، مرة يخدعون الشباب باسم الإسلام والله والقرآن والرسول والجهاد، حتى يغسلوا أدمغتهم تماماً، ويسيّروهم كما يريدون، ومرة ببيانات كاذبة للقوى الشبابية، يتحدثون فيها عن اعتذار عن التغرير بهم، ويعدونهم مجدداً بالمشاركة السياسية، دون أن يدركوا أنهم رددوا هذا الكلام كثيراً من قبل، ثم ما لبثوا أن لحسوه بألسنتهم فور أن وصلوا إلى السلطة.لم يعد هذا الكلام ينطلي على أحد، فالدماء التي تسيل في الشارع كل يوم، وتستهدف الأبرياء، الذين لا يريدون سوى وطن آمن أصبحت هي الحاجز الحقيقي بينهم وبين الناس. وتهديدات جماعة "الإخوان" بأن حراكها في الشارع سيستمر، وأنهم لن يعودوا، ليست إلا دليلاً دامغاً على الإرهاب، الذي أصبح يقطر من كلماتهم.الأكيد أن الدرس قد انتهى، والأكيد أيضاً أن مصر ستجتاز كل هذا، وستمر كل مناسبة يحاولون استخدامها لنشر الدماء والرعب وادّعاء دور الضحية كما مرّ غيرها من قبل، فقد وعى المصريون الدرس جيداً، بل كل الدروس، طوال أكثر من ثلاث سنوات، وعرفوا مَن غرر بهم وخدعهم باسم الدين طوال هذه المدة، والأكيد أن الإخوان ومَن خلفهم اختاروا طريق الإرهاب بأنفسهم، وأنهم بدأوا بمعاداة الشعب المصري وقتله.