الإرهاب بين الإخوان والانقلاب
في الوقت الذي أصبح الإعلام الحر (غير الموجه) تقريبا غير موجود ومن يتمسك به عملة نادرة أتوجه بالشكر لإدارة "الجريدة"، فعلى الرغم من أن مقالاتي منذ انقلاب يوليو قد تبدو مغايرة لسياسة تحريرها فإنني أشهد الله– طوال هذه الفترة- لم يمنع لي مقال ولم تحذف لي كلمة، فشكراً للأخ الفاضل مشرف الصفحة ولإدارة التحرير.***سألت صديقي القانوني ما معنى قرار الحكومة إدراج جماعة الإخوان كمنظمة إرهابية؟
قال: دوليا لا قيمة له، فلا يحق لدولة أن تفرض قوانينها– وفقاً لهواها- على غيرها أما إعلامياً وكما ترى فله قيمة كبيرة، فقد تم استخدامه بصورة مثالية لامتصاص غضب الشعب من سوء أداء حكومة الانقلاب وفشلها المتكرر، وكذلك للمزيد من إرهاب المواطنين من جماعة الإخوان، أي أن قرار اعتبارها منظمة إرهابية هو في ذاته إرهاب للشعب المصري.من حق أي نظام أن يصدر ما يشاء من قوانين يحمي بها نفسه من غضب الشارع والمعارضة، لكنه لا يستطيع أن يلزم بها الدول الأخرى، وعلى سبيل المثال فقد أصدرت حكومة بشار الأسد قانوناً منذ أكثر من سنتين باعتبار الجيش الحر منظمة إرهابية، فهل امتنعت الدول الأوروبية والخليجية بل السعودية تحديداً عن مساندة الجيش الحر؟ وهل تعتبر هذه الدول إرهابية لمساندتها منظمة إرهابية؟ بالتأكيد لا، فالقرار السوري خاص بنظام بشار الأسد والدول التي تؤيده، كما أن القرار المصري خاص بنظام الانقلاب والدول التي تدعمه. إن اعتبار أي جماعة إرهابية (دولياً) لا يتم إلا من خلال منظمات دولية كالأمم المتحدة وبعد تحقيق جنائي دولي، ولا يترك الأمر لكل نظام فيتهم معارضيه بما يشاء بهذه السذاجة المفرطة التي تعامل بها الإعلام الانقلابي مع القرار، ورغم تسليمنا بحق الحكومة في فرض ما تشاء وسط غياب كامل للديمقراطية والعدالة القضائية فإن قرار الحكومة جاء بنتائج عكسية، فلأول مرة منذ انقلاب يوليو يتعاطف البعض–جزئياً- مع الإخوان، فهل يمكن أن يصدر قانون يعاقب بالحبس 5 سنوات لمن يرفع إشارة رابعة– مثلا- مجرد رفع الشعار أصبح إرهاباً! وهل يقبل هذا عقل أو منطق؟ وهل يمكن أن يصدر قانون يعاقب بالإعدام (!) من يقود تظاهرة للتعبير عن رأيه؟ لقد حاول الانقلابيون إرهاب الشعب ولكن الشعب رفض إرهابهم. "... ويمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين". (الأنفال 30)***أخي المقيم المصري سواء قررت المقاطعة أو الذهاب للتصويت بنعم أو لا فاعلم أن النظام "الانقلابي" كسلفه "المباركي" يراك قاصراً غير قادر على الاختيار الصحيح، وحرصاً منه على راحتك ولأنك في عينيه (إنت مش عارف كده ولا إيه) قرر أن يقوم نيابة عنك بالاختيار كما قال أحد أركانه (سواء صوّت الشعب بنعم أو لا فالحكومة ستصوّت بنعم)... وكل دستور وإنت طيب. ((هذه الفقرة خاصة بالمصريين الأحرار وليس حملة المباخر وسجناء الكراهية الذين يلقبهم الإعلام الانقلابي بالمواطنين الشرفاء)***هل قرأ السفير المصري والملحق الإعلامي ما جاء في مقال في جريدة "القبس" يوم الأحد 15 ديسمبر الماضي، وحرفياً "وإن كانت الكويت قد قدمت المليارت لمصر لكي تتمكن من التخلص من الإخوان..."، هل قرأ سيادته هذا أم أن انشغاله باحتفالية "نعم للدستور" أكبر من كرامة مصر والمصريين؟ مجرد سؤال لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد.وإلى مقال آخر إن كان للحرية متسع.