ضاع... قلبي!
ليست المرة الأولى التي يضيع مني قلبي وتدوسه بأقدامها الأيام!هي الأيام التي تخترقنا كالسهم بلا قدرة منا على الإمساك بها وتفلت من بين أيدينا أسرع من البرق لتحملنا من هنا إلى هناك ثم تعيدنا إلى حيث كنا قبل أن نفيق من صدمة الأحداث التي تحيط بنا. حجم الدمار تضاعف بفعل الإنسان الذي اختاره ربه للعبادة والعمل المفيد من دون المخلوقات الكثيرة التي لا تحصى، بل إن الله سبحانه قد سَخَّر الكثير من المخلوقات الأخرى لخدمته، نجده "أي الإنسان" قد بدد الكثير من "إنسانيته" كلما اتسعت مساحة العلم وتطورت أدواته فساقها في طريق الشر بشكل يوازي ما انتفع بها ودمر ما بني بنفس اليد التي أبدعت صُنع كل ما وصل إليه.
قلبي الذي كنت أظن أني أحمله بين أضلعي غادرني... فبتُ بلا قلب! ولكن... ليس كما يظن البعض بأن الذي لا قلب له...لا رحمة تُرجى منه وظناً بأنه فقد الإحساس بالآخرين وبما يجري من حوله. فقدت قلبي لأنه ما عاد يحتمل كل تلك الصدمات اليومية بل واللحظية التي تأثر بها وتفاعل معها كقلب إنسان لا يعرف إلا الحب والصفاء وافترض في معظم البشر حسن العطاء ورفعة النفس وسموها، فاصطدمت دقاته بقلوب موصدة عن الرحمة، وتوزع الشر بلا تمييز بين حي ولا جماد فَعمَّ الخراب في الأرض وأصاب النفس بالعطب والانكسار. أميل إلى القول بأن ما يعمُر القلب يظهر على الوجه، لذلك فإن مساحة السرور على وجهي قد انحسرت عمّا كانت عليه قبل أن تتصاعد وتتفاقم الأحداث في العالم الكبير بهذا الحجم الهائل ببلاده القوية والضعيفة.وأيقنتُ أن الأحداث الدموية التي نعيشها في كثير من بقاع الأرض والطبيعة الساخطة من سلوكيات الإنسان، اللتين تعاضدتا على نشر الرعب والخوف والدمار، قد خلفتا هذا الشعور وهذه الملامح! كل إنسان يعرف واجبه في الحياة ويميز بين النافع والضار، وفي نفس الوقت هو موضع اختبار في اختيار أحدهما وتقديمه على الآخر، وهذا تتحكم فيه رغبات تجنح نحو ما تتصور فيه فائدتها التي قد تعمر والأرض أو قد تخربها. وأظن أن الإنسان في هذه المرحلة الزمنية بات يرفع من قيمة الجانب الضار بالإنسانية، وهذا ما تؤكده الأحداث المروعة في كثير من بقاع الأرض.قد أستعيد قلبي لو عادت الحياة إلى أصل فطرتها، وعاد البشر إلى طبائعهم وأخلاقهم التي نظمتها قوانين السماء وانصاع الجميع لمتطلبات الحياة وتطويع مكتسباتها لخير البشر جميعا، ولا أظن أن هذا سيكون في وقت قريب لأننا لا نجد دلالة واحدة أو إشارة على ذلك!* كاتب فلسطيني - كندا