لا تستغرب جهات قيادية بارزة في «تيار المستقبل» الحملة السياسية والدعائية التي يشنها رئيس تكتل التغيير والإصلاح النائب ميشال عون مباشرة أو بواسطة حلفائه والمجموعات السياسية التي تدور في فلكه، على مواقف الرئيس سعد الحريري الأخيرة، ولاسيما بالنسبة الى خارطة الطريق التي طرحها قبل أيام للخروج من أزمة رئاسة الجمهورية وملء الفراغ في كل مؤسسات الدولة الدستورية.
وترى هذه الجهات أن ما يتعرض له تيار المستقبل اليوم على يد عون يأتي في السياق الطبيعي لتعاطيه مع الفرقاء والأطراف السياسيين المحليين والإقليميين والدوليين منذ بدء تعاطيه بالشأن العام في العام 1988. وتتوقف قيادات تيار المستقبل في مجال عرضها لوجهة نظرها عند المحطات الآتية:1 - في العام 1988 فاوض النائب ميشال عون القيادة السورية آنذاك من موقعه كقائد للجيش وساوم معها على أمل القبول به رئيسا للجمهورية. وهو سلف دمشق يومها موقفه من الاتفاق الثلاثي في العام 1986، واستعداده لمواجهة القوات اللبنانية بقيادة سمير جعجع من خلال وضعها في مواجهة الجيش اللبناني عند محاولة الوزير الراحل إيلي حبيقه اختراق الأشرفية في صيف العام 1986، لكنه مع إعلان دمشق في العام 1988 تبنيها ترشيح النائب السابق مخايل الضاهر انقلب عليها، معلنا حرب التحرير ضد جيشها في لبنان.2 - مرت علاقة العماد عون بالقوات اللبنانية بقيادة سمير جعجع بتقلبات بنيت كلها على أساس قبول القوات بعون في موقع السلطة أو رفضها له. فعندما عطلت القوات انتخاب الرئيس الراحل سليمان فرنجيه لرئاسة الجمهورية وقف الى جانبها. وعندما رفضت انتخاب مخايل الضاهر تحالف معها. وعندما أعلن سمير جعجع أن الحكومة العسكرية برئاسة عون التي عيّنها الرئيس الأسبق أمين الجميل في سبتمبر (أيلول) 1988 مع تعذر انتخاب رئيس جديد هي «حكومة استقلال وأكثر»، قال عون لجعجع: «سأحافظ على القوات كما أحافظ على الجيش». لكن عندما وقفت القوات اللبنانية الى جانب الشرعية ممثلة بالرئيس المنتخب رينيه معوض، ومن ثم الرئيس إلياس الهراوي، شن العماد عون على القوات اللبنانية حرب الإلغاء.3 - وافق العماد عون في العام 1989 على ذهاب النواب الى الطائف. وعقد اجتماعا معهم في القصر الجمهوري في بعبدا وأبلغهم موافقته على ذهابهم الى الطائف، ولما انتهى الاتفاق غيره، حل عون مجلس النواب وهجّر النواب من المناطق التي يسيطر عليها.4 - عندما نفي العماد عون الى باريس، وطوال فترة نفيه شن حملات عنيفة على سورية وسلاح حزب الله، وشجع وعمل على إصدار الكونغرس قانون معاقبة سورية، ومن ثم هلل لإصدار مجلس الأمن الدولي القرار 1559 الذي يدعو إلى انسحاب سورية من لبنان ولنزع سلاح كل الميليشيات اللبنانية وغير اللبنانية. وعندما عاد عون الى لبنان واكتشف ان حظوظه لرئاسة الجمهورية معدومة انقلب على «14 آذار»، وتحالف مع حزب الله وزار دمشق وعقد شبه تحالف مع الرئيس السوري بشار الأسد.وترى الجهات القيادية البارزة في تيار المستقبل أن العماد عون الذي أعلن في العام 2011 بعد إسقاط حكومة الرئيس سعد الحريري أنه قطع لرئيس تيار المستقبل تذكرة سفر ذهاباً من دون إياب، عاد في العام 2014 مع اقتراب موعد انتخابات رئاسة الجمهورية ليعتبر نفسه مرشحا توافقيا، طارحا على الحريري ضمان أمنه السياسي وتعيينه رئيسا للحكومة في حال قبل بانتخابه رئيسا.ومع اكتشاف عون أن وصوله الى رئاسة الجمهورية شبه مستحيل، أطلق حملة جديدة على الحريري، محاولا الاستفادة من الأوضاع الإقليمية المتردية، ولاسيما ما يتعرض له المسيحيون في سورية والعراق لتشويه صورة الحريري، والظهور بمظهر المدافع عن المسيحيين في وقت لا يهمه من الموضوع سوى وصوله الى الرئاسة.وتختم الجهات القيادية البارزة في تيار المستقبل بالتأكيد على أن الأيام ستكون كفيلة بقلب السحر على الساحر. والحملة التي يشنها عون على تيار المستقبل ورئيسه سترتد عليه، لأن صدقيته باتت موضع علامات استفهام كثيرة محلياً وعربياً ودولياً.
دوليات
«المستقبل»: حملة عون على الحريري امتداد لتاريخ مواقفه المتقلبة
24-07-2014