أكدت محكمة الجنايات أن ارتباك المتهم امام رجل الشرطة لا يبرر له القبض عليه وتفتيشه من دون الحصول على إذن من النيابة العامة، لافتة إلى أن ارتباك المتهم لا يعد مؤشرا على ارتكابه الجريمة، حتى يبرر لرجال الشرطة القبض على المشتبه فيه وتفتيشه دون إذن من جهة التحقيق.

Ad

وقالت المحكمة، في حيثيات حكمها البارز، إن «الإجراءات التي قام بها رجل الأمن في تفتيش المتهم، وهو سجين في السجن المركزي، لأنه كان بحالة ارتباك، هو تفتيش باطل ويترتب عليه بطلان كل الاجراءات التي تليه، ما يتعين على المحكمة القضاء ببراءة المتهم من كل التهم المنسوبة إليه».

وكانت النيابة العامة قد وجهت إلى المتهم، وهو سجين في السجن المركزي تنفيذا لحكم بحبسه ثلاث سنوات وأربعة أشهر بقضية تعاطي مخدرات، أنه أحرز مادة مؤثرة عقليا بقصد التعاطي، دون ان يثبت أنه قد رخص له بذلك قانونا، حال كونه عائدا لسبق الحكم عليه بعقوبة جناية مخدرات بالحبس.

كما اتهمته النيابة بأنه أدخل في السجن المركزي المادة الممنوعة سالفة البيان، على خلاف القوانين واللوائح المنظمة للسجون، حال كونه عائدا، مطالبة بعقابة وفق نصوص ومواد قانون الجزاء والمواد الخاصة بشأن مكافحة المؤثرات العقلية وفق المرسوم بقانون رقم 48 لسنة 1987.

تقرير جنائي

وذكرت «الجنايات أن «النيابة العامة ركنت في إسناد الاتهام للمتهم إلى ما شهد به وكيل الضابط في السجن المركزي، وما ورد بتقرير الإدارة العامة للأدلة الجنائية، وصحيفة سوابق المتهم»، لافتة إلى أن «وكيل الضابط شهد بأنه وخلال جولته في السجن المركزي وعند دخوله جناح رقم 8 زنزانة 35 شاهد المتهم بحالة ارتباك، وبعد تفتيشه عثر على المضبوطات، وأنها تخصه بقصد التعاطي».

كما ورد بتقرير الإدارة العامة للأدلة الجنائية أن المضبوطات عبارة عن علبة سجائر «دافيدوف» بداخلها لفافتين من النايلون الشفاف بداخلهما لفافة بيضاء بداخلها حبيبات بيضاء، وزنت بمحتواها 3 غرام و220 من الألف جرام، وهي لمادة «الميثامفيتامين» المؤثرة عقليا، كما ورد بصحيفة سوابق المتهم أنه محبوس على ذمة قضية تعاطي مواد مخدرة.

وقالت المحكمة إنها تشير تمهيدا لقضائها إلى أنه من المقرر بنص المادة 43 من قانون الإجراءات والمحاكمات الجزائية أن «لرجل الشرطة، إذا شهد ارتكاب جناية أو جنحة، أو حضر إلى محل الحادث والجريمة لاتزال مشهودة، أن يقوم بتفتيش المتهم أو مسكنه».

كما أنه من المقرر بقضاء محكمة التمييز أن «تقدير الدليل هو من صميم اختصاص قاضي الموضوع، فلا يصح النعي على المحكمة وهي بسبيل ممارسة حقها في التقدير بأنها تجاوزت سلطتها، إذ إن في ذلك ما يجر في النهاية إلى توقيع العقاب على بريء، وهو أمر يؤذي الجماعة، ما يتحتم معه إطلاق يد القاضي الجنائي في تقدير سلامة الدليل وقوته دون قيد، فيما عدا الأحوال المستثناة قانونا، وان تقدير الظروف المحيطة بالجريمة وما كان متلبسا بها أو غير متلبس بها هو ما تستقل به محكمة الموضوع بغير معقب عليها مادامت أقامت قضاءها على أسباب سائغة».

إجراء مخالف

وبينت المحكمة ان «الثابت من أقوال ضابط الواقعة أنه عندما دخل إلى الزنزانة، التي يسجن بها المتهم، شاهده بحالة ارتباك، وقام على اثر ذلك بتفتيشه، فعثر معه على علبة سجائر دافيدوف وبفتحها تبين له أن بها المضبوطات سالفة البيان، فأحالها إلى الإدارة العامة للأدلة الجنائية لفحصها، وذلك الإجراء مخالف لنص المادتين 100 و101 من قانون الإجراءات والمحاكمات الجزائية، لأن أعمال تلك الإدارة تدخل في نطاق اعمال الخبرة التي يختص المحقق وحده في مرحلة التحقيق الابتدائي باتخاذها ما لم يندب أحد رجال الشرطة لتحقيق قضية معينة أو القيام بعمل معين من أعمال التحقيق، عملا بنص المادة 45/2 من القانون سالف البيان».

وزادت ان «ما قام به ذلك الضابط ابتداء من تفتيش للمتهم عندما أبصره بحالة ارتباك، هو إجراء غير مشروع، لأن حالة الارتباك بذاتها ليست جريمة أو تنبئ عن ارتكاب المتهم جريمة يعاقب عليها القانون، وتبيح له تفتيشه لضبط ما قد يحوز من مواد مجرم حيازتها قانونا».

وتابعت: «وإذ تم ذلك التفتيش في غير الأحوال المقررة قانونا، ومن بعده إحالة المضبوطات من قبل ضابط الواقعة إلى الإدارة العامة للأدلة الجنائية لفصحها، فإن المحكمة تقضي ببطلان تلك الإجراءات جميعها وما ترتب عليها من نتائج».

واردفت: «وإذ خلت الأوراق من دليل صحيح يعول عليه لإدانة المتهم عما أسند إليه من اتهام، فإن المحكمة تقضي ببراءته من الاتهامين المسندين إليه، لاسيما ان الاتهام الذي يدور وجودا وعدما مع الاتهام الأول، عملا بنص المادة 172/1 من قانون الإجراءات والمحاكمات الجزائية، وحيث انه عن المضبوطات، فإن المحكمة تقضي بمصادرتها عملا بنص المادة 49/1 من قانون مكافحة المؤثرات العقلية».

إنكار المتهم

    أكدت المحكمة أنها واجهت المتهم بالتهم المنسوبة إليه فأنكرها، وقرر أنه يتمسك بإنكاره أمام النيابة العامة، كما ترافع دفاع المتهم أمام المحكمة وقدم مذكرة طالب في ختامها ببراءة المتهم، استنادا إلى بطلان القبض عليه وتفتيشه، وما ترتب على ذلك من إجراءات لحصول القبض والتفتيش في غير الحالات الجائزة قانونا، كما دفع بانتفاء أركان الجريمتين المسندتين إلى المتهم وصلته بالمضبوطات، فضلا عن تمسك المتهم طوال فترة المحاكمة بالانكار لجميع التهم المنسوبة إليه.