في بيان صادر عنه جدد الأزهر  رفضه عرض أي أعمال تُجسِّد أنبياءَ الله ورسلَه وصحابة رسول الله ( صلَّى الله عليه وسلَّم )، مؤكداً أنَّ هذه الأعمال تتنافَى مع مَقامات الأنبياء والرُّسل، وتمس بالجانب العقديَّ وثوابتَ الشريعة الإسلاميَّة، وتستفز مشاعر المؤمنين.

Ad

الكلام نفسه أكدته دار الإفتاء المصرية، في بيان لها أيضاً، مشيرة إلى حرمة تجسيد الأنبياء والصحابة في الأعمال الفنية، ومبينة أن {العمل الفني يعتمد على الحبكة الدرامية مما يُدخل في سيرة الأنبياء ما ليس منها، والمقرر أن درء المفاسد مقدم على جلب المصالح}.

وتابع البيان أن {اللجنة تربأ بالشخصيات الدينية التي لها من الإجلال والاحترام أن تقع أسيرة رؤية فنية لشخصية الكاتب يفرضها فرضاً على المتلقي، بما يغير حتماً من تخيل المتلقي لهذه الشخصيات والصورة الذهنية القائمة عنده حولها، ويستبدلها بالصورة الفنية المقدمة، مما يكون له أثره البالغ في تغيير صورة هذه الشخصيات، وفرض رؤية الكاتب فرضاً}.

فتوى قديمة

يؤكد  المخرج أحمد عواض، رئيس جهاز الرقابة على المصنفات الفنية، أن اللجنة الرقابية التي شاهدت الفيلم لم تكتب تقريرها بعد، مؤكداً أنه سينتصر للفن والإبداع، إذا لم يكن فيه ما يتعارض مع قانون الرقابة.

بدوره يشير الناقد السينمائي عصام زكريا إلى أن الأزهر يستند في موقفه على فتوى قديمة بعدم جواز تصوير الأنبياء والصحابة والمبشرين بالجنة،  ورغم تغير الزمان الآن إلا أن الأزهر مصر على العمل بها.

يتساءل زكريا: هل يستطيع مشايخ الأزهر منع مشاهدة الفيلم بالفعل؟ أم هي مجرد قرارات للتأكيد على سيطرتهم وقدرتهم على المنع؟

يضيف: {إذا تمكنوا من منع عرض الفيلم في دور العرض، فإنهم بالتأكيد لن يتمكنوا من منع عرضه على شبكات الإنترنت  أو على شاشات التلفزيون، كما حدث من قبل مع مسلسلات {مريم} و{يوسف} و{عمر بن الخطاب} التي شاهدها الجمهور المصري رغم اعتراض الأزهر.

 يجب أن يقتصر دور الأزهر، برأيه، على التوجيه وتحذير المؤمنين بهذه الفتوى من مشاهدة الفيلم، وعلى كل مشاهد أن يقرر ماذا يريد، مع التأكيد على أن الذين يجسدون شخصيات الأنبياء هم ممثلون ولا علاقة لهم بالأنبياء.  

من جهتها تقول الدكتورة آمنة نصير، إن الأزهر يرفض إظهار الأنبياء على الشاشة لأسباب عدة، أولها أن الشخص الذي يجسد شخصية النبي، ليس اختياراً إلهياً وليس معصوماً، ولا يخلو من نواقص البشرية وأمراضها.

السبب الثاني، ضرورة بقاء الأنبياء، بما تركوه من نصوص ومن وحي ومن تقبل العقل للوحي الإلهي، كما هم في أذهان المؤمنين، لأن ذلك أفضل برأيها من تجسيدهم على الشاشة، {أي ممثل، مهما اجتهد وأبدع لن يصل إلى عظمة الأنبياء، ومهما حاول السيناريو والحوار والصورة، فلن ترقى إلى عمق الأنبياء، من هنا لا بد من دفع المضرة عن الأنبياء من أي تحريف أو قضاء على الخيال الإيماني والعقيدة الإيمانية لدى الناس}.

وترفض نصير الانتظار حتى مشاهدة الفيلم لتحكم عليه، لأن الممثل الذي يؤدي دور النبي هو اختيار بشري، يمكن أن يؤدي دور النبي ثم يرتكب المحرمات ما يسبب في خدش صورة النبي، مشيرة إلى أن الأنبياء اختيار إلهي منحهم  الله العصمة وأعطاهم خصوصيات لا تعطى لباقي الناس.

وحول عدم إمكانية المنع من مشاهدة الإنترنت أو التلفزيون، توضح نصير أن الأزهر يتحرك في حدود حقه والمسموح له بمنع عرض الفيلم  في دور العرض، وهو ليس وصياً على أحد، ومن يريد مشاهدة الفيلم بطريقة أخرى فليتحمل وزره.

 

ضد التدخل

يرفض الناقد محمود عبدالشكور موقف الأزهر، مؤكدا أنه ضد تدخله في الأمور الفنية، ولو كان لشيوخ الأزهر بعض التحفظات، فيمكنهم وضع لافتة قبل عرض الفيلم تؤكد أنه لا يعبر عن وجهة نظر القرآن، مثلما حدث أثناء عرض فيلم {آلام المسيح} إذ وضعت لافتة تشير إلى أنه يعبر عن وجهة نظر الإنجيل في مسألة الصلب.  

يضيف: {إذا كان القانون يعطي للأزهر حق التدخل فإن أقصى تدخل مقبول في هذا العصر وضع هذه اللافتة}، مؤكداً أن {أي جهة لا تمتلك القدرة على منع الناس من مشاهدة أي إبداع فني، في ظل ثورة الاتصالات التي تخوّل مشاهدة أي عمل فني في يوم عرضه، وإذا منعه الأزهر من العرض على الشاشات السينمائية، فإن مصر ستراه عبر الإنترنت. على مشايخ الأزهر أن يدركوا تغير الزمن، وأن يكيفوا أمورهم ويجدوا صيغة لعرض الفيلم بدل منعه}.