لمَ يذهب الأميركيون إلى الحرب؟
لنتأمل كلمات فرانكلين روزفلت يوم إنزال نورماندي عام 1944: "سترتعد أرواح الرجال أمام عنف الحرب، فهؤلاء الرجال تخلوا أخيراً عن سبل السلام، وهم لا يقاتلون من أجل شهوة الغزو، يحاربون لإنهاء الغزو، يقاتلون من أجل الحرية، يقاتلون ليسمحوا للعدالة بالنهوض، شأنها في ذلك شأن التسامح والخير".
أتساءل: ماذا يكشف واقعُ طريقة التفكير "التقدمية" العصرية بأن بول كروغمان لا يستطيع تخيل أكثر من سببين لشن الحروب: الربح والأفضلية السياسية التي يحققها قائد عندما يستهل الأعمال العدائية، لكن كروغمان يرفض "بذكاء" فكرة شن الحرب لكسب المال في معظم الحالات، في حين يميل إلى فكرة أن بعض القادة يطلقون الأعمال العدائية لتعزيز الدعم الداخلي، ويعتقد أن فلاديمير بوتين أحد هؤلاء القادة، وأن الزعماء الصينيين قد يصبحون مثالاً آخر في المستقبل. مع أننا لا نفهم بوضوح لمَ يُصنف كروغمان جورج بوش الابن في الخانة عينها (يذكر أن حرب العراق ساعدت بوش في الفوز في الانتخابات الرئاسية الثانية، بيد أنها في الواقع كادت تسلبه الفوز في انتخابات عام 2004، وفي مطلق الأحوال كانت عواقبها السياسية غير متوقَعة وغير ملائمة، حسبما أعتقد، حين بدأ بوش الحرب عام 2003).
لكن الإخفاق الأكبر في مقال كروغمان "هذا مذهل بالنسبة إلى رجل يُعتبر، بغض النظر عن رأيك في سياسته، بالغ الذكاء وواسع الثقافة"، يبقى حذفه الكامل كسبب مهم يعلل لمَ تخوض الدول الحروب: الدفاع عن حرياتها. أفترض أن كروغمان مطلع على نظرية "الحرب فحسب"، ولكن ما من إشارة إليها في مقاله، الذي يفترض فيه أن كل الحروب تُشن لسبب مشين أو لآخر، ولعل هذا دليل على مدى ابتعاد الليبرالية عن الإيمان المناضل لأعظم مؤيديها كرؤساء مثل جون كينيدي وفرانكلين روزفلت.ألِف هؤلاء الحرب إلا أنهم لم يعتبروها مجرد عمل أناني غبي، لنتذكر خطاب كينيدي الشهير عند تسلمه سدة الرئاسة، فقد أعلن: "لتعلم كل أمة، سواء كانت تضمر لنا الشر أو الخير، أننا سندفع أي ثمن، نحمل أي عبء، نواجه أي صعوبة، ندعم أي صديق، نعارض أي عدو كي نضمن استمرار الحرية ونجاحها".لنتأمل أيضاً كلمات فرانكلين روزفلت يوم إنزال نورماندي عام 1944: "سترتعد أرواح الرجال أمام عنف الحرب، فهؤلاء الرجال تخلوا أخيراً عن سبل السلام، وهم لا يقاتلون من أجل شهوة الغزو، يحاربون لإنهاء الغزو، يقاتلون من أجل الحرية، يقاتلون ليسمحوا للعدالة بالنهوض، شأنها في ذلك شأن التسامح والخير".* ماكس بوت | Max Boot