ما الحكم على عام 2013؟ لم تكن لدينا فخامة اليوبيل الألماسي، أو عامل الشعور الجيد للألعاب الأولمبية، مثلما كان الوضع في 2012. لكن لا تنسى أننا حصلنا على مولود ملكي، وبريطاني فاز مرة أخرى في بطولة سباق الدراجات في فرنسا، وفاز بريطاني آخر في بطولة ويملبدون للتنس. بل إننا تمكنا من الصمود في موسم لعب الكريكيت بين بريطانيا وأستراليا خلال معظم العام. ومن حيث الاستثمار، أعتقد أن عام 2013 كان في الواقع أفضل بكثير مما كان يبدو. وإليكم خمسة أسباب لذلك:

Ad

أولاً، تعزز الانتعاش الاقتصادي: ربما كان الاقتصاد البريطاني سيحتاج إلى الدهر كله لتحقيق الانتعاش، إلا أنه بدأ الآن في الانتعاش. ومن الصعب أن نصدق أن الناس كانوا يتحدثون في مطلع 2013 عن ركود اقتصادي ثلاثي في الوقت الذي فقدت فيه بريطانيا تصنيفها الائتماني الممتاز. لكن بحلول نهاية العام كانت بريطانيا أسرع الاقتصادات نمواً بين البلدان المتقدمة في العالم. وفي أماكن أخرى استمرت الولايات المتحدة في الانتعاش، وحققت اليابان تقدماً، وحتى منطقة اليورو المريضة أخذت تبدو عليها علامات الحياة.

لم نخرج بعد من منطقة الخطر ولايزال على الناتج في بريطانيا أن ينتعش ليصل إلى مستوياته قبل الأزمة، فضلا عن أن يعود إلى معدل النمو في الاتجاه العام.

وهناك مخاوف من أن هذا هو «النوع الخطأ من الانتعاش»، المدفوع إلى حد كبير بارتفاع أسعار المساكن والإنفاق الاستهلاكي المدفوع بالديون. ولاتزال الشركات تخزن المال وتمتنع عن الاستثمار. وفي الوقت الذي تنتعش فيه الإيرادات الضريبية، هناك خطر من أن تتخلى الحكومة بهدوء عن أي حديث عن الإصلاحات الأساسية لنظامنا الضريبي بالغ التعقيد، أو عملية التخطيط الثقيلة ـ لكن وجهة السفر تبقى هي الوجهة الصحيحة.

ثانياً، بدأت الأسواق بالعودة إلى الوضع الطبيعي: ربما يبدو هذا قولاً غريباً في سنة أنفق فيها البنك المركزي الأميركي نحو تريليون دولار في شراء السندات، وأبقى فيها على أسعار الفائدة عند مستوى الصفر. لكن الجنِّي خرج من القمقم. وأصبح الحديث عن كيفية الانسحاب التدريجي وموعده من الأمور المعتادة. واهتزت الأسواق الناشئة وأسواق السندات، لكنها لم تتعرض للانهيار. وبدأت عملية العودة إلى الوضع الطبيعي.

ولاتزال منطقة اليورو مصابة بالتناقضات والتحديات. وتواجه الصين موقفاً صعباً لإيجاد توازن بين المواقف المختلفة. والمأزق بخصوص سقف الدين الأميركي يذكرنا بمدى التقلب والتصرفات الهوائية التي يمكن أن يكون عليها السياسيون. لكن العالم لم ينته في 2013، ولن ينتهي أيضاً في السنة المقبلة.

ثالثا، أصبحت القوانين التنظيمية أكثر تناسقاً: لا أعتقد أن القوانين والأنظمة تستطيع حل جميع مشاكل العالم، لكني أحب تركيز سلطة السلوك المالي في بريطانيا على الناتج وليس على العملية، وأن الممارسات الضارة بمصالح المستهلكين – مثل أسعار الفائدة الشنيعة على القروض التي تؤخذ حتى يوم الراتب، وغش المتقاعدين في برامجهم التقاعدية وما إلى ذلك – تجد طريقها بصورة متزايدة إلى الأجندة السياسية. كما أن القواعد الخاصة بمعايير الخدمات المالية المقدمة للجمهور، والتي يجري العمل عليها منذ ست سنوات، لاتزال قيد التطوير. لكن من الصعب المجادلة في المبدأ الرئيسي الذي تقوم عليه، والذي يقضي بفصل العمولة عن النصيحة، ورفع المعايير وفرض مزيد من الشفافية. وبالمثل، صناعة صناديق الاستثمار لايزال بإمكانها أن تحسن أداءها بصورة كبيرة عن ذي قبل في مجال الشفافية، إلا أنها على الأقل بدأت في ترتيب أوضاعها الداخلية.

رابعا، سيتم تعليم الأطفال الأمور المالية: ما أفضل شيء فعلته الحكومة هذا العام؟ في رأيي لم يكن هو وضع أسهم الشركات المدرجة في بورصة لندن الموازية في حسابات الادخار الفردية، وإنما هو وضع التعليم المالي ضمن المنهج الوطني. وهذا القرار مرَّ دون أن يلحظه أحد، ولن يبدأ سريان مفعوله إلا في العام المقبل، وسيستغرق سنوات عديدة حتى يؤتي أكله، لكنه أمر مهم تماماً. فلا نستطيع أن نتوقع من شبابنا أن يتولوا المسؤولية عن شؤونهم المالية إلا إذا أعطيناهم المهارات والمعرفة اللازمة لذلك.

أخيراً، ذهب الخوف: إذا قلتَ لي في مطلع هذا العام أن أكثر من 700 ألف شخص سيتقدمون بطلبات لشراء أسهم في البريد الملكي، فسأتهمك بالجنون، لكنهم فعلوا. بعد خمس سنوات من شراء السندات، أو الذهب، أو مجرد تخزين المال لأنهم لا يعرفون كيف يتصرفون فيه، وضع المستثمرون المال في صناديق الأسهم وتنافسوا للمشاركة في الاكتتابات العامة الأولية.

وهذا أمر جيد. لماذا؟ لأن جميع الدلائل تشير إلى أنه على الأمد الطويل، ورغم حالات الهوس والهلع والانهيار، الأسهم هي أفضل وسيلة لزيادة ثروتك.

وحتى خلال الفترة من عام 2000 إلى 2012، التي اشتملت على انهيار فقاعة الدوت كوم وأكبر أزمة مالية منذ الثلاثينيات القرن الماضي، كانت السنوات التي ارتفعت فيها الأسهم أكثر من السنوات التي هبطت فيها. ومنذ 1970 أعطت عائداً موجباً حقيقياً خلال 31 سنة من أصل 42 سنة. وهذه النسبة تبلغ تقريباً 75 في المئة من الحالات.

وبالتأكيد السنة الجديدة ستجلب معها بالتأكيد تحديات جديدة. ستصبح الأسواق أقل انقياداً بالسياسة النقدية، ما يعني أن اختيار الأسهم وأساسيات الشركات، مثل الأرباح، سيصبح أهم من ذي قبل.

وستكون هناك نكسات، وخطر بسيط من حدوث نكسات ضخمة. لكن كان بإمكاننا أن نقول ذلك في مطلع هذا العام، وتبين في النهاية أن النتيجة لم تكن على تلك الدرجة من السوء.

(فايننشال تايمز)