هناك مثل كويتي يقول "لا تبوق ولا تخاف"، أي لا تسرق ولا تخف. لا أدري لماذا ترتعد فرائص الحكومة كلما قدم لها استجواب؟ هل لدى حكومتنا "الرشيدة" شيء تخفيه؟ وإلا فما السر في هذا الهلع الشديد من الاستجوابات؟
رئيس مجلس الأمة السابق جاسم الخرافي يقول: "إن الاستجوابات لا توقيت لها، لكنها تترك لتقدير مقدمها"... "صح لسانك".النائب الفاضل رياض العدساني قدم استجوابا مستحقا لرئيس الحكومة، يتكون من محورين الأول الأزمة الإسكانية وارتفاع أسعار الأراضي، والثاني تراجع مستوى البلد وارتفاع مؤشر الفساد. استجواب العدساني جاء في وقته المناسب بعد أن طفح الكيل وبلغ السيل الزبى وضاقت الصدور والجيوب من تقاعس الحكومة عن إيجاد حل مناسب لهذه المشكلة المزمنة؟تصور عزيزي القارئ أن عدد الطلبات الإسكانية وصل إلى 120 ألف طلب، ولو فرضنا أن عدد أفراد الأسرة مكون من 5 أفراد، أب وأم وثلاثة أولاد، أي إن (حاصل ضرب 5 في 120000) 600000 ألف مواطن، بلا سكن حكومي، يعني نصف الشعب الكويتي "ناطر بيت".العجيب ان الأراضي متوافرة، ورأس المال يزيد على مال قارون عشرة أضعاف، لكن للأسف الحكومة غير جادة في حل المشكلة الإسكانية.هل يعقل أن سعر المتر المربع الواحد في الكويت ألف دينار، يعني القسيمة التي تبلغ مساحتها 400 متر، سعرها 400 ألف دينار (مليون و500 ألف دولار)! لماذا الارتفاع الجنوني في الأسعار؟ هل يوجد تحت هذه الأراضي آبار بترول أو مناجم ذهب وألماس؟احتكار الأراضي هو السبب الرئيسي في المشكلة الإسكانية، وشريعتنا الإسلامية ترفض الاحتكار وتنادي بتعمير الأراضي الفضاء ما لم يقم أصحابها بتعميرها، فإن للدولة الحق في مصادرتها وتوزيعها على المحرومين من السكن.قرأت في مجلة كويتية سنة 1994 عن تجربة إحدى الدول الخليجية التي قامت بمصادرة الأرض التي لا يقوم صاحبها ببنائها خلال ثلاث سنوات... "خوش" حل، أتمنى لو حكومتنا "الرشيدة" تطبقه لكن مع الأسف: "أبوي ما يقدر إلا على أمي".المواطن الكويتي الغلبان حالياً يسكن في شقة مستأجرة، يدفع في الشهر الواحد 450 دينارا، هذا المبلغ يستنزف ثلث راتبه، وبحسبة بسيطة يتضح لنا أن المواطن يدفع في السنة الواحدة 5000 دينار قيمة الإيجار، وخلال 15 سنة يدفع 175 ألف دينار.وحتى يستلم المواطن بيت بقية العمر تجد رأسه قد اشتعل شيباً، ووهن "عظمه"... هذا إذا ما انتقل إلى مقبرة الصليبيخات!والمحور الثاني، الذي تقدم به نائبنا الفاضل رياض العدساني، عن تراجع مستوى البلد وارتفاع مؤشر الفساد.استشهدت في بداية مقالي بالمثل الكويتي القديم "لا تبوق ولا تخاف"، هذا المثل تغير الآن.وأصبح "بوق ولا تخاف"، ويؤكد ذلك الحديث الشريف عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ليأتين على الناس زمان لا يبالي المرء ما أخذ من المال من الحلال أم من الحرام"... رواه البخاري والنسائي.أبونا العود الله يحفظه لنا ويطول عمره قال: "الفساد في البلدية ما تشيله البعارين"، فما بالكم في سائر الوزارات والمؤسسات والهيئات والجمعيات التعاونية وجمعيات النفع العام والاتحادات والأندية الرياضية، حدث ولا حرج "الشق عود"، والحديث في هذا المحور بالذات "يعور القلب" ويرفع الضغط والسكر... لكن سوف أستشهد فقط باستاد ومستشفى جابر، الله يرحمه، والجامعة التي تشيّد في الجليب وستظل في "الجليب" إلى أن ترى "النور".آخر المقال:صلى عمر بن الخطاب بالمسلمين، فقرأ في صلاته "سورة الصافات"، فلما وصل عند قوله تعالى: "وقفوهم إنهم مسؤولون" أخذ يرددها وهو يبكي، بعد نهاية الصلاة سألوه لماذا أطلت البكاء يا عمر؟ أجاب عمر رضي الله عنه: "استشعرت أن الله يقول لملائكته هاتوا عمر لنحاسبه"!
مقالات
«بعبع» الاستجواب
16-11-2013