هل كنا بحاجة إلى تضحية من أحد كي نكتشف أن مجلس الأمة بتركيبته والآلية المستحدثة لتشكيله سيصل إلى نتيجة غير التي ظهرت في جلسة الثلاثاء الماضي 12 نوفمبر 2013؟

Ad

على الإطلاق لم نكن بحاجة إلى أي تضحية وقد كتبت للنائب الفاضل رياض العدساني صباح الثلاثاء التغريدة التالية: "عزيزي رياض العدساني تحية طيبة وبعد،،، لا تقول من لحظة قرارك المشاركة إنك كنت متوقعاً أجواء داخل المجلس غير اللي قاعد تصير الحين؟".

في التفاصيل لمن يحب التفاصيل، انطلقت مسألة السوابق السيئة التي اكتشفها نواب سنة أولى سياسة تحت غطاء غياب النص، الحالة الأولى وقعت في 3 ديسمبر 2001 عندما أحيل استجواب النائب السابق حسين القلاف إلى وزير العدل ووزير الأوقاف أحمد باقر إلى اللجنة التشريعية في مجلس الأمة بموافقة 28 نائباً من أصل الحضور وعددهم 47 نائباً وامتناع 4 وعدم موافقة 15 نائباً.

يومها حمى وطيس النقاش وتدخل الإطفائي الرئيس جاسم الخرافي بكلماته البلسمية عندما قال "إن ما يربطنا أكثر مما يفرقنا" وتركز الجدل حول هل يجوز للحكومة إحالة الاستجوابات إلى المحكمة الدستورية أو اللجنة التشريعية؟ علماً بأن استجواب القلاف تضمن مجموعة من المحاور رأى مجموعة من النواب أنها تتداخل مع أعمال السلطة القضائية وبالتالي لا تجوز مساءلة الوزير في أعمال خارجة عن اختصاصه ومن الأفضل إحالة الاستجواب إلى اللجنة التشريعية كمخرج للأزمة بدلاً من لجوء الحكومة للمحكمة الدستورية.

تلك السابقة الأولى وضعت الضوء الكاشف على فجوات اللائحة الداخلية لمجلس الأمة، ولحقتها سوابق وسوابق أخطرها ليس ما حصل أمس ولكن قبل سنتين في 16 نوفمبر 2011 عندما تم التصويت على رفع "استجواب" بأكمله من جدول أعمال مجلس الأمة استناداً إلى تفسير المحكمة الدستورية التي حددت الضوابط العامة لشكل الاستجواب ومسؤولية رئيس مجلس الوزراء عن الأعمال التي تقع ضمن اختصاصاته.

خطورة جلسة أمس الاول أتت من "الميانة الزايدة" بين الحكومة ونوابها والتي أثمرت عن تمكين الحكومة من إعادة صياغة محتويات ورقة الاستجواب ومشاركتها بالتصويت في شأن هي طرف فيه (تعارض مصالح) رغم أن اللائحة الداخلية تجيز لها ذلك، وقد كان بإمكانها أي الحكومة النأي بنفسها عن الشبهات وترك أمر الاستجواب شأناً نيابياً- نيابياً ليقينها بالنتيجة التي سيصلون إليها.

لقد أتى تصويت الحكومة لنفسها كنوع من المبالغة في تحصين السلطة التنفيذية من المساءلة وربما أقدمت على تلك الخطوة الواثقة بغرض إغلاق باب الأمل بمحاسبة رئيسها بإحكام وتوصيل رسالة قوية لبعض الحناجر الزاعقة بأن مصيرها سيكون كمصير استجواب العدساني، وقد ثبت فشل النصف الأول من هذه السياسة بتقديم العدساني لاستجواب جديد منقح لرئيس الحكومة، وسيثبت فشل النصف الثاني منها عندما يجد الرئيس نفسه في مواجهة مع من يريدونه بأي ثمن.

اختم كلامي بالتأكيد أن ما يحصل في المؤسسة التشريعية ليس أكثر من فصول تتبع فصل تشكيل البرلمان على هوى السلطة التنفيذية، وبرأيي المتواضع كان الأجدر بالنائب الفاضل رياض العدساني القبول بصعود المنصة واستثمار الوقت المتاح له، فمادام أنه تقبل وبشكل دستوري شطب ثلاثة أصوات من الناخب بعد أن كانت أربعة، فلا مانع من سحب كل محاور استجوابه وفق نفس المنطق الدستوري، على الأقل كان بإمكانه استثمار علنية الجلسة ومساءلة الرئيس عن القضية الإسكانية التي تتوزع أوزارها على وزارات عدة وهذه بحد ذاتها (سياسة عامة).