جميلات ... في ملفات القضايا(4)

نشر في 02-07-2014 | 00:02
آخر تحديث 02-07-2014 | 00:02
بين الأوراق الرسمية وملفات التحقيق المنسية، تكمن أسرار الفنانات. في أروقة الشرطة ودفاترها المكدسة حكايات كثيرة لأهل المغنى والتمثيل والرقص، لم تكشف الصحافة تفاصيل هذا العالم إلا قليلاً، ربما مجاملة لهذه الفنانة أو تلك.
{الجريدة} تكشف بعض الأسرار لأشهر نجوم السينما والفن، في ثلاث قصص لثلاث فنانات تألقن في سماء القاهرة، لم يُعرف الكثير عنهن، لكن الأوان حان لكشف تفاصيل قصة راقصة دخلت السجن ظلماً، وفنانة كبيرة اتهمت حارس العقار الذي تسكن فيه زوراً، ومطربة كبيرة تجرعت مرارة كأس الهزيمة أمام خادمتها التي تعرف تفاصيل عنها.
1. نجمة الرقص في السجن

  تحكي الراقصة المعروفة قصتها بحلوها ومرها، لحظات الألق عندما كان يشار إليها بالبنان،  وكانت إحدى نجمات الرقص، قبل أن يدور الزمان عليها ويلقيها خلف أسوار السجون.

 قالت: {ذات ليلة توجهت بسيارتي إلى أحد الفنادق في التاسعة مساء... كنت على موعد مهم تأخرت عنه نصف ساعة... ولم يكن شبر واحد خالياً أمام مدخل الفندق الكبير... نزلت من سيارتي التي أوقفتها صفاً ثالثاً، كنت أعرف أنني خالفت لوائح المرور... لكن الموعد المهم كان يشغلني بشدة... لم أفكر في السيارة ... أسرعت إلى مدخل الفندق... لكن ضابطاً شاباً اقترب مني واستوقفني بشكل جاف... ثم أمرني بأن أعود إلى سيارتي التي تسد الطريق في مكان غاية في الحساسية... أخبرته أنني سأرسل أي شخص من داخل الفندق ليتولى مهمة ركن السيارة... رفض الضابط في {عنجهية}... عرضت عليه أن أسلمه مفاتيح السيارة يتصرف فيها بنفسه... فإذا بي كأني نطقت كفراً... ارتفع صوته وهو يأمرني بأن أنفذ تعليماته فوراً... تدخّل أحد موظفي الفندق ليخبره بأنني الراقصة المعروفة {فلانة}، فإذا به يردّ بسخرية: {الكلام ده في الكباريهات يا أخينا}.

  لم ينته الأمر عند هذا الحد الذي نفد معه صبري... بل راح الضابط يكتب مخالفات غير الوقوف في الممنوع ... ولم يفته طبعاً أن زجاج النوافذ عازلة للضوء تستحيل معه رؤية من في داخل السيارة... وهو أمر تحظره قوانين المرور... أضاف كذباً أن السيارة تفتقر إلى شروط الأمن والمتانة ... رغم أن ثمنها في مصر تجاوز المليون جنيه.

حاولت أن أطرد الشيطان من أمام عيني وأنصرف من المكان ... لكن الضابط اعترضني... وأمر أمين الشرطة بألا يدعني أتحرك... هنا انفجرت الثورة في أعماقي... رددت عليه بقسوة... وصاح في وجهي: {احترمي نفسك ياوليه}، شتمته أمام الناس الذين تجمعوا... وتناولت شتائمي الأب والأم، خصوصاً أن لهجته تدل على أنه من أعماق الريف... ثم صحت بأعلى صوتي: {وشرف أمي لانقلك من هنا}، أسودت الدنيا في عيني... دفعت أمين الشرطة من طريقي... وانصرفت إلى مدخل الفندق بعصبية... لا أسمع ولا أرى من حولي!

في اليوم التالي وصلت القصة كاملة إلى وزير الداخلية... فاستشاط غضباً...وأمر على الفور باستدعاء الضابط إلى مكتبه... وكانت المفاجأة التي لم يتوقعها الوزير، إذ لم يذكر الضابط الألفاظ أو الشتائم أو التهديدات التي وجهتها له... بل قال للوزير: {يا فندم الناس بالغت كتير... حتى زملائي بالغوا في الحكاية... واختلقوا أشياء ووقائع لم تحدث}.

وصل إلى علمي خبر المقابلة التي تمت بين الوزير والضابط... لم أستغرب موقف الوزير فهو معروف بأنه رجل لا شفيع عنده إلا الحق.. لكن أدهشني موقف الضابط الذي لم أجد له تفسيراً أو تبريراً...  إلا أنني علمت، في ما بعد، أن بعض زملائه أعادوا على مسامعه قصة ضابط مباحث الآداب الذي توهموا أنني كنت وراء نقله إلى الصعيد ثم إلغاء النقل، فتصوّر الضابط أن السيناريو نفسه سيتكرر معه.

يبدو، أيضاً، أن الوزير شكك بصدق الضابط... وأراد أن يثبت له ألا أحد فوق القانون... وأشاع أنه سيلقنني درساً؛ مهما كانت العواقب... لذا أمر مساعديه بأن يبحثوا في ملفاتي عن غلطة ... مجرد غلطة... فإذا بهم يجدون صيداً ثميناً... قضية الرقص ببدلة مخالفة للمواصفات القانونية ولم ينفذ الحكم النهائي الصادر ضدي فيها...

 فرصة عمرهم جاءتهم كهدية من السماء، وضع الوزير خطته بسرية تامة... ورغم ذلك وصلتني أخبار غامضة: {وزارة الداخلية تدبر أمراً لكِ... احترسي هذه الأيام... لا تترددي في منح نفسك إجازة وسافري خارج البلاد حتى تهدأ الأمور}.

شعرت بالقلق والتوتر... اتصلت بصديقي صاحب النفوذ فوجدته في أوروبا... اتصلت بكبار الشخصيات الذين كانت أجندتي تمتلئ بأرقام هواتفهم في المنزل والسيارة والمكتب والعزبة والساحل الشمالي، لكنهم أكدوا لي أن ثمة من يلعب بأعصابي... ويخطط لإشغالي... ويثير مخاوفي... فالوزير لن يترك أمن مصر ويتحدى راقصة... لا سيما أن الضابط صاحب المشكلة نفى الواقعة مؤكداً أنها مجرد سوء تفاهم عابر.

 نمت ليلتي مطمئنة... لكنني وجدت نفسي في اليوم التالي محاصرة من ضباط مباحث تنفيذ الأحكام... كان الأمر مرتباً بعناية... ومخططاً بمهارة.. فكاميرات الصحافيين كانت موجودة وقت القبض عليّ!... وتمت الإجراءات بسرعة... دخلت سجن النساء وسط زفة إعلامية هائلة... لكني تظاهرت بالتماسك والثبات حتى أرخى الليل سدوله فاندفعت أبكي كطفل صغير... وكانت أصعب ليلة في حياتي.

2. نجمة السينما... والبيه البواب

في حي {غاردن سيتي} الراقي في قلب القاهرة، وفي إحدى البنايات السكنية، جرت واقعة غريبة، يشكو بواب {العمارة} الشهيرة قسم شرطة قصر النيل التابع له، لطوب الأرض... لكن الشكاوى التي أرسلها إلى النيابة أو وزارة الداخلية تم حفظها، كل يوم يستدعونه... ويسألونه عن خاتم النجمة الكبيرة، فيقسم بأغلظ الإيمان ألا علاقة له بهذا الخاتم من قريب أو بعيد... يقضي ساعة أو ساعتين... وربما ثلاث ساعات... يخرج بعدها البواب وهو يبكي... لا يعرف أي مكان في جسده بالضبط يؤلمه، بعدما تعرض لـ{علقة} ساخنة من رجال الأمن الذين ضربوه في كل أجزاء جسده، لانتزاع اعتراف منه، إرضاء للفنانة الكبيرة.

 أخيراً... اقترحت النجمة السينمائية، التي تتفوق في جمالها على نجمات الصف الأول، أن يترك البواب العمارة ويرحل كحل للأزمة، يرحم البواب من العذاب الذي يلاقيه في قسم قصر النيل... اجتمع مجلس إدارة العمارة لبحث الأمر... لكن النجمة الكبيرة رفضت، بإصرار، محاولات الإبقاء على البواب الوسيم المعروف في المنطقة بـ{أبو عيون جريئة}.. حتى لو أعاد خاتم الألماس.

ادعت النجمة الكبيرة بأن الخاتم مع البواب، الذي تصفه بـ{البيه البواب}، وكان حسنين البواب واثقاً بأن التهمة ملفقة... أما رئيس مباحث القسم فكان واثقاً، هو الآخر، بأن ثمة سراً لا تعلمه سوى نجمة السينما وبواب العمارة، لذلك استدعى حسنين البواب، منحه الثقة والأمان، أقسم له أن يساعده لو صارحه بالسر والحقيقة كاملة التي تجعل نجمة السينما تكن له كل هذا العداء، وأخيراً جلس البواب القرفصاء وراح يروي للضابط أصل الحكاية.

كانت النجمة الشهيرة تعاني أزمة عاطفية حادة، انتهت قصة غرامها مع المطرب العاطفى الكبير بالفشل... عرف الأصدقاء وأهل الوسط أن المطرب انسحب، ورفض الزواج من فتاة أحلامه، لأنها رفضت اعتزال الفن والاكتفاء بحياتها كزوجة وربة منزل، وكانت النجمة الكبيرة تسهر كل ليلة، وتصرخ بأنها هي التي تركت المطرب.

وعادت في إحدى الليالي شبه غائبة عن الوعي، هنا بدأت حكاية حسنين البواب، أو بالأصح معاناته، اعترف البواب أنها تركت سيارتها مفتوحة، فأسرع يغلق أبوابها، ثم لحق بالنجمة الكبيرة قبل أن تسقط على الأرض أمام المصعد.

داخل المصعد كان حسنين في موقف لا يحسد عليه... قالت له: {افتح الباب}، عثر على المفتاح في حقيبتها بصعوبة، استعاذ بالله من الشيطان بعدما خارت قواه، فتح الباب، كانت الساعة تقترب من الرابعة فجراً وبرد الشتاء ينخر في عظام الناس.

قال لها البواب: {ادخلي يا هانم}... ردت عليه بنبرات ممطوطة: {دخلني أنت أنا مش شايفة قدامي}، قالتها وكادت تقع، حملها حسنين وأغلق باب الشقة بقدميه ثم تقدم بها نحو غرفتها، مدت النجمة ذراعيها إلى الفراش وأغمضت عينيها وراحت في سبات عميق.

بعد لحظات تنبه حسنين، كانت النجمة الكبيرة كالمنومة مغناطيسياً، سارع حسنين بإشعال سيجارة وهو مرتبك، حاول أن يفرد ملاءة السرير فوق جسدها، لكنه وجدها مفتوحة العينين، تريد الكلام فلا تقوى، غادر الشقة بهدوء رغم أنه كان خائر القوى.

في اليوم التالي لم تظهر النجمة الكبيرة إلا مع غروب الشمس، فوجئ بها حسنين تخرج من المصعد ثم تبصق على وجهه وقد تحول وجهها إلى شعلة غضب، لقد ظنت أن البواب تجرأ ونال منها شيئاً، ذهبت إلى قسم الشرطة تحرر ضده بلاغاً بسرقة خاتمها {الألماس}،  وتسأل كل ليلة لماذا لم يتم القبض عليه؟ قرر رئيس المباحث استخدام حيلة نجحت مع نجمة أخرى... اتصل بالنجمة هاتفياً، وأبلغها أن تطورات قد حدثت، فقد حضر البواب وقال إن الفنانة تحاول إخفاء سر حدث ذات ليلة باردة، وتابع الضابط أن البواب يدلي بتفاصيل حكاية غريبة وحساسة جداً، ويطلب إثباتها في محضر اتهامها له بالسرقة لتحقق النيابة في الواقعة بأكملها.

 انفعلت النجمة الكبيرة، هاجت وماجت، صرخت في الضابط معلنة أنها ستحضر بنفسها للتنازل عن المحضر، ما دامت الأمور وصلت إلى هذا الحد من الوقاحة.

الغريب أن البواب ظل في العمارة، ولم تعد النجمة تفاتح أحداً بسرقته لخاتمها {الألماس}، ولم يعد أحد يتذكر تلك الواقعة التي كانت حديث سكان {العمارة}، ما بقي، فقط، أن العيون لم تعد تتلاقى، الفنانة الكبيرة تتحاشى النظر إلى وجه {البيه البواب}، وكان حسنين بدوره يخاف النظر في عينيها، لكنه بينه وبين نفسه كان يشعر بسعادة خفية بعدما حقق انتصاراً على النجمة السينمائية، على إحدى ساكنات الأدوار العلوية.

3. خادمة المطربة الكبيرة

تدور أحداث القصة الثالثة في حي {العجوزة}، في محافظة الجيزة، بطلتها نجمة أخرى، هي مطربة مشهورة في العالم العربي، من إحدى دول شمال إفريقيا، لكنها فضلت الاستقرار في العاصمة المصرية لمتابعة أعمالها الفنية، دارت حولها إشاعات عن غرامها بصاحب نفوذ خارق في عهد الرئيس الراحل جمال عبدالناصر، ثم بملحن كبير في عهد السادات، لكنها حسمت كل هذه الأقاويل بزواجها في الثمانينيات من ناقد فني في جريدة يومية كبرى.

 كان زواجاً عرفياً لا يعرف سره غير شغالة المطربة الكبيرة... ومرت أشهر حتى أوشك العام الأول على الزواج أن يكتمل، فجأة تكتشف المطربة الكبيرة أن علبة مجوهراتها اختفت من خزانة حجرة نومها، فحررت محضراً بقسم شرطة العجوزة، اتهمت شغالتها مباشرة، كانت واثقة من أنها هي التي استولت على مجوهراتها التي يتجاوز  ثمنها نصف مليون جنيه، لكن الشغالة نفت الاتهام بشدة، جربت معها أساليب كثيرة لتعترف، إلا أن جيهان فجرت المفاجأة عندما قالت لضابط المباحث: {اسألوا الصحافي...لا أحد يدخل حجرة نوم ستي سوى الصحافي وأنا، لماذا تدور الاتهامات حولي وحدي، اسألوه هو الآخر}.

لاحظ الضابط بأن الشغالة غاية في الذكاء، وأنها تريد إخفاء جريمتها عن طريق إحراج المطربة الكبيرة، وأمام إصرار الخادمة على تحرير محضر بأقوالها، اتصل بالمطربة الكبيرة يبلغها بكلام الشغالة الخطير، هنا قررت المطربة التنازل، خوفاً على سمعة الناقد الصحافي الذي كان فوق مستوى الشبهات، ولم يدخل حجرة  النوم إلا برفقته المطربة الكبيرة.. أما الشغالة فكانت تنظفها كل صباح بعد أن تغادرها المطربة والصحافي، تجرعت المطربة الكبيرة كأس الهزيمة، أمام خادمتها التي فرّت بجريمتها.

back to top