يترقب المجتمع الدولي بشغف توصل الدول الكبرى وإيران إلى بداية النهاية للخلاف المستمر منذ سنوات بشأن الأنشطة النووية لطهران، وسط آمال عريضة على جولة المفاوضات، التي انطلقت اجتماعاتها أمس، وتختتم اليوم في جنيف.

Ad

بدأت إيران والقوى الكبرى أمس اجتماعا جديدا يستمر يومين في جنيف، للتفاوض بشأن اتفاق حول البرنامج النووي الإيراني المثير للجدل، يأمل الأميركيون أن يحقق «خطوة أولى» على طريق التوصل إلى تسوية.

وبدأ اللقاء، الثاني خلال أقل من شهر، بإفطار صغير جمع وزير الخارجية الإيراني جواد ظريف ووزيرة خارجية الاتحاد الأوروبي كاترين آشتون، التي تقود المفاوضات مع إيران باسم مجموعة الخمسة زائد واحد (الصين والولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا وروسيا وألمانيا). وعقب انتهاء الجلسة الأولى، أكد ظريف أن بلاده تحرز تقدما في المفاوضات، مكررا تأكيده أن المناقشات ليست سهلة، وقال لوكالة رويترز: «سارت المحادثات على نحو جيد، وبدأنا الخوض في مناقشات أكثر تفصيلا بعد ظهر اليوم. ويحدوني الأمل اننا نستطيع المضي قدما»، مضيفا: «نحرز تقدما لكن الأمر صعب».

وقبل ساعات من بدء المباحثات، وصف وزير الخارجية الإيراني، على صفحته على «فيسبوك»، المباحثات النووية مع الدول الكبرى بأنها «صعبة جداً»، وكتب يقول: «بعد الجلسة الافتتاحية سنبدأ مع زملائي ووفود دول 5+1 مفاوضات صعبة جدا، لأننا دخلنا مرحلة التفاصيل التي هي دائما صعبة ودقيقة».

 

الاحتفاظ بالسرية

 

وفي الجانب الغربي، تبدو اللهجة أكثر تحفظا، فقد أعلن المتحدث باسم وزيرة خارجية الاتحاد الأوروبي مايكل مان لوكالة فرانس برس أن «المحادثات النووية معقدة وتدخل في مرحلة جدية»، مذكرا بأن المشاركين قرروا الاحتفاظ «بسرية» مضمون المحادثات حرصا على الفعالية. 

لكن إسرائيل كشفت بعض مضمون المحادثات عبر دعوة القوى الكبرى أمس الأول إلى رفض اقتراح إيراني محتمل وصفته بأنه «سيئ». وقال مسؤول إسرائيلي، طلب عدم ذكر اسمه، «خلال الساعات الأخيرة علمت إسرائيل أنه سيتم تقديم عرض إلى مجموعة 5+1 في جنيف، مفاده أن إيران ستوقف كل أنشطة تخصيب اليورانيوم بنسبة 20%، وستبطئ أعمال البناء في مفاعل المياه الثقيلة في أراك، مقابل تخفيف العقوبات» المفروضة عليها.

وفي باريس، صرح وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس بأنه على إيران تقديم «تنازلات» حول برنامجها النووي، مضيفا لقناة «إي-تيلي»: «نأمل التقدم عن طريق التفاوض، لكن التقدم لن يتحقق إلا إذا وافقت إيران على تقديم تنازلات تطلبها الأسرة الدولية».

وزاد ان فرنسا و»الدول الخمس الأعضاء في مجلس الأمن والأسرة الدولية» تقول إن «إيران يمكنها امتلاك حق استخدام النووي المدني لكن القنبلة الذرية، لا».

 

تغيير وضغط

 

وكان مسؤول أميركي رفيع المستوى أعلن أمس الأول من جهته أنه يأمل «خطوة أولى» نحو وقف هذا البرنامج النووي المثير للجدل، لافتا إلى «تغيير رئيسي» في الموقف الإيراني.

وتابع المسؤول، الذي رفض الكشف عن هويته، ان «ما نتوقعه هو مرحلة أولى، خطوة أولى، اتفاق أساسي يوقف تقدم برنامج إيران النووي للمرة الأولى منذ عشرات السنين واحتمال تأخيره».

في المقابل، فإن واشنطن مستعدة لأن «تعرض على إيران تخفيفا محدودا للعقوبات، ويمكن العودة عنه دون المس في المرحلة الأولى ببنية هذه العقوبات».

ويواجه المفاوضون ضغوطا في واشنطن مع «كونغرس» يميل إلى تشديد العقوبات الاقتصادية على إيران، وفي إيران مع الجناح المتشدد للنظام المعارض لأي تنازل حول تخصيب اليورانيوم الذي يعتبره حقا، ويشكك هذا الجناح أيضا في النوايا الأميركية.

ونجح المفاوضون الإيرانيون، أثناء الاجتماع في منتصف أكتوبر في جنيف، في تحقيق انفراج في الأجواء للمرة الأولى، والبدء بحوار جوهري، للمرة الأولى بصورة مباشرة بالانكليزية بين كل المشاركين، وتلقوا الأحد دعم المرشد الأعلى للجمهورية الإيرانية آية الله علي خامنئي، الذي له الكلمة الفصل في هذا الملف الاستراتيجي، والذي دعا إلى عدم «إضعاف» المفاوضين في «مهمتهم الصعبة».

من جهتهم، دعا الممثلون الأميركيون إلى أن يمنح الكونغرس «فترة انتظار قصيرة» للإدارة قبل سلسلة عقوبات جديدة ضد طهران، بهدف ترك فرصة للدبلوماسية.

(جنيف، طهران، واشنطن - أ ف ب، يو بي آي، رويترز)