الأغلبية الصامتة: دينار المخرطة
تأتي العهود الجديدة كصفحات بيضاء لا تحمل غير علامة استفهام كبيرة، قد تكون الأيام الأولى وما جرى فيها من إجراءات هي الجواب، وقد يطول الأمر قليلاً ولكن ليس للأبد حتى تتكشف الحقيقة، هذه الوزارة أو المؤسسة أو حتى النظام برمته تسير في طريقين لا ثالث لهما، القويم أو المتعرج.في بؤر العمل الصغيرة يوجد عادة ثلاثة "فرق" تتنافس على البقاء وتدمير الآخر في الأوان نفسه، فريق مؤسسة الفساد، وهو في الغالب مترابط، صلب، سريع الحركة.
وفريق النوايا الحسنة والأيدي الطاهرة، وهو في الغالب أيضاً مفكك، هش، بطيء الحركة.وبين الفريقين يوجد فريق ثالث هو "عيش وخليني أعيش" خارج منافسة التدمير والإقصاء كونه غير مكترث بمن يبقى ومن يرحل، سياسة جديدة أو سياسة قديمة، لا يتفاعل في أي عملية كيميائية مع أي عنصر آخر، هو موجود فقط كي يتنفس وغير معني يأي ترابط أو تبني أي قضية. في حالة المسؤول الجديد القادم للتو، كلا الفريقين، فريق الفساد وفريق الأيدي الطاهرة، يترقبان القرارات الأولى وإحداثيات العهد الجديد، هل هو تكملة للعهد السابق أو محطة للقطيعة مع كل ما مضى، وعندما يتحقق المراد، سيجد المسؤول الفاسد جهازاً كاملاً "لخرط" ميزانية الوزارة بهدوء وبدون ضجة، يحمله ويتعاون معه حتى يذهب ليأتي غيره، وعندما يحدث العكس ويكسب فريق النوايا الحسنة والأيدي الطاهرة رأساً على رأس هرم المسؤولية، سيجد ذلك الرأس كل رؤوس الخير مدفونة تحت تلال من الفساد، وهي مهمة صعبة وشاقة، إذ عليه أن يبدأ حفر الهرم من رأسه.في النهاية لا ترهقوا أنفسكم في التفكير أو الانتظار، الكتاب يقرأ من عنوانه، وما عليكم سوى القراءة لتعرفوا أين أنتم وما هو القادم؟ ثم اختاروا مكانكم بين "الفرق" الثلاثة، وإياكم ولعن الظروف والأوضاع فكل قرار تتخذونه له عواقبه ومميزاته، وما أجمل العقاب عندما يكون لأجل الحق وما أقبح الدينار عندما يأتي من "المخرطة".الفقرة الأخيرة:خالص العزاء لأسرة الخطيب الكرام لوفاة المعلم والأستاذ عقاب محمد الخطيب، رحمة الله عليه.