لك عزيزي القارئ أن تستذكر العديد من الحوارات التي تشهدها في مقر عملك أو عند إجراء محادثة هاتفية أو مراسلة إلكترونية، أو عندما تزور إحدى الديوانيات، وتطرح قضية ما يتساءل عنها متحاورون... سيكون الجواب السريع «ما يبون يُبا»!

Ad

جواب مختصر وسريع وجاهز في الذهن عند مناقشة الكويتيين لهمومهم وحجم المشاكل التي تراكمت عليهم دون وجود بصيص من الأمل لتجاوز عنق الزجاجة، فسواء كان هذا النقاش ثنائياً أو جماعياً في الدواوين أو حتى في الندوات والملتقيات تكون النتيجة والخلاصة في تفسير الأحداث جملة "ما يبون"، وغالباً ما تضاف إليها أو تعقبها كلمة "يُبا" الكويتية متعددة الاستخدامات.

ولك عزيزي القارئ والمتابع أن تستذكر العديد من الحوارات التي تشهدها في مقر عملك، أو عند إجراء محادثة هاتفية، أو من خلال مراسلة إلكترونية، أو عندما تزور إحدى الديوانيات، وتطرح قضية الإسكان مثلاً ويتساءل المتحاورون: لماذا لا يتم بناء وحدات سكنية للمواطنين الذين بلغت طلباتهم أكثر من مئة ألف طلب رغم وفرة الأراضي والميزانية المالية؟ يكون الجواب السريع... "ما يبون يُبا"!

وعندما تقارن حالة الكويت الراهنة في التطور والتنمية مقارنة مع تاريخنا المشرق في السبق والريادة من جهة، ومع ما وصلت إليه شقيقاتنا الخليجية من إنجازات ساحرة ونجاحات باهرة من جهة أخرى، يكون الجواب السريع... "يبا ما يبون"!

ولما نناقش حالات الفساد وتقارير "ديوان المحاسبة" حول التجاوزات المالية والهدر الكبير في موازنة الدولة، ولما تثار الصفقات المشبوهة والمشاريع الفاشلة التي كبدت المال العام مئات المليارات من الدنانير، ولما تصنفنا المؤسسات العالمية كـ"منظمة الشفافية" و"هيئة النزاهة" كأسوأ بلاد العالم في الفساد المالي والإداري، وتتساءل بعدها لماذا لم يحاسب أحد؟... يكون الجواب السريع... "ما يبون يبا"!

وفي مثل هذه الأيام حين يتداول موضوع استقالة الحكومة وإعادة تشكيلها وفق نهج جديد يفهم متطلبات الواقع وطموحات المستقبل وحجم التحديات الراهنة والقادمة، وأن تكون حكومة مدججة برجالات دولة يتمتعون بثقة الناس، ويحملون إلى جانب الإخلاص رؤى ثاقبة وإرادة للتغيير والإصلاح، يكون الجواب السريع أيضاً... "ما يبون"!

هكذا الحال بالنسبة إلى مختلف القضايا التي تهم الوطن والمواطن سواء في الجيش البشري المنتظر للالتحاق بسوق العمل، أو التدرج الوظيفي حتى تولي الوظائف القيادية العليا، أو تطوير الخدمات العامة من تعليم وصحة، أو الاختناقات المرورية الحادة، أو الاستثمار في الطاقات الشبابية في عالم التكنولوجيا المتقدمة والمعقدة، وانتهاء بالاصطفافات الضيقة والتحصن بالطائفية والفئوية والطبقية على حساب الدولة ووحدتها الوطنية، أيضاً يكون الجواب السريع... "ما يبون يُبا"!

والسؤال المهم من الذي يحدد الجهة التي يشملها قول "ما يبون"؟

ولماذا... "ما يبون"؟

وهل يمكن أن يعمم هذا الكلام على جميع الفرقاء، ويتهم الجميع بإيصال البلد إلى هذا الحد من النهاية المسدودة؟

وكيف السبيل إلى حلحلة العوائق التي تمنع أي انطلاق حقيقي للانتقال من حالة الركود والاحتقان إلى مرحلة التغيير والتفاؤل؟

فالزمن أسرع مما نتصور ولا يرحم المتقاعسين ولا يراهن على الضعفاء، وعالم اليوم لا مكان فيه سوى للأذكياء والأقوياء، وها نحن نطوي عام 2013 كما طوينا الأعوام السابقة له، لكننا ندور في ذات الحلقة المفرغة، ونعيد نفس الهموم، ونندب حظنا ونعلق مشاكلنا على شماعة "ما يبون"!