هل تخلت أميركا عن دول مجلس التعاون؟

نشر في 27-11-2013
آخر تحديث 27-11-2013 | 00:01
أميركا والغرب عموماً لم يقيما علاقات «استراتيجية» مع دول التعاون إلا من أجل مصالحهما الحيوية. ومن الخطأ الاستراتيجي الجسيم أن تبني دول المجلس سياستها الخارجية على أساس علاقاتها "المميزة" بأميركا والغرب، فالسياسة الدولية تحكمها المصالح، وهي كالرمال المتحركة لا تعرف الثبات.
 د. بدر الديحاني من الواضح أن هناك إعادة رسم لخريطة التحالفات والترتيبات الإقليمية والدولية في المنطقة، وهو أمر طبيعي جداً ففي السياسة، كما يقال، لا يوجد أصدقاء دائمون ولا أعداء دائمون بل مصالح ثابتة.

تغيّر التحالفات الإقليمية والدولية في المنطقة لا يعني، كما قد يتوهم البعض، أن أميركا أو الغرب عموماً سيتخلون نهائياً عن دول مجلس التعاون فمصالحهم الحيوية لا تزال قائمة، وكل ما في الأمر هو إعادة ترتيب للتحالفات بغية المحافظة على المصالح الغربية بحسب ما تتطلبه المتغيرات الجديدة في العالم مثل الأزمة الاقتصادية الرأسمالية الخانقة، وانخفاض أهمية نفط الخليج بالنسبة لأميركا، والمتغيرات الجديدة في منطقة الشرق الأوسط لا سيما بعد ثورات الربيع العربي التي لما تستقر بعد حيث مازالت المنطقة تمر بمنعطفات حادة وظروف صعبة للغاية غير معروفة بعض نتائجها حتى الآن.

أميركا والغرب عموماً لم يقيما علاقات "استراتيجية" مع دول التعاون إلا من أجل مصالحهما الحيوية ومن الطبيعي جداً أن تتغير هذه العلاقات بتغير المصالح.

وقد بات واضحاً للجميع أن خيرات المنطقة ومواردها المالية قد تم استنزافها بقوة منذ بداية ثمانينيات القرن المنقضي في سلسلة حروب عبثية جعلت منطقتنا بؤرة توتر دائم من أجل مصالح الدول الرأسمالية الكبري، لهذا فقد آن الأوان أن تنعم شعوب المنطقة بالسلام وتستفيد من خيرات بلدانها التي يذهب جزء كبير منها إلى مصانع الأسلحة الغربية.

لهذا يأتي الاتفاق التمهيدي حول الملف النووي الإيراني بين الدول دائمة العضوية في مجلس الأمن وألمانيا من جهة وإيران من الجهة الأخرى ليمثل خطوة في الاتجاه الصحيح من شأنها تخفيف حدة التوتر في منطقة الخليج مما سيسهل إقامة علاقات تعايش سلمي وحسن جوار بين الدول المطلة على ضفتيه.

وفي هذا السياق، فمن الخطأ الاستراتيجي الجسيم أن تبني دول التعاون الخليجي سياستها الخارجية على أساس علاقاتها "المميزة" بأميركا والغرب، فالسياسة الدولية تحكمها المصالح، وهي كالرمال المتحركة لا تعرف الثبات.

أضف إلى ذلك أنه من غير الممكن بناء سياسة خارجية قوية إذا كانت الجبهة الداخلية هشة أو ضعيفة وغير متماسكة، لهذا فإن دول مجلس التعاون مطالبة بتقوية جبهاتها الداخلية وذلك من خلال إجراء إصلاحات سياسية وديمقراطية جوهرية توسع من المشاركة الشعبية في اتخاذ القرارات المصيرية، فالشعوب هي التي تحمي الأنظمة وليس الأحلاف الأمنية أو التحالفات والترتيبات الخارجية المتغيرة باستمرار.

back to top