• تصادفت مشاركتي في مؤتمر ببوسطن تلبية لدعوة من جامعتها، مع حلول الذكرى الخمسين لاغتيال جون كينيدي الرئيس الأميركي الـ٣٥، الذي اغتيل في ٢٢ نوفمبر ١٩٦٣ في دالاس بتكساس، وبقربه زوجته أثناء تحيته الجماهير، في سيارته المكشوفة.

Ad

 إحياء الذكرى الخمسين كان ضخماً ومتنوعاً، سواء في مسقط رأسه بوسطن، أو على مستوى الرئاسة وما دونها، وتم بث وعرض العديد من الأفلام الوثائقية والدرامية.

• حتى هذه اللحظة مازال كثيرون يشككون في عملية اغتياله، ونظرية المؤامرة حولها رائجة ولا حدود لها؛ فقيام شخص مغمور مثل "لي هارفي أوزوالد" بتنفيذ عملية الاغتيال، ومن ثم اغتيال أوزوالد أثناء نقله من السجن، أثارا أسئلة لا إجابات عنها، بل زادت التساؤلات حين تم اغتيال شقيقه روبرت كينيدي سنة ١٩٦٨ بكاليفورنيا، بعد اقتراب ترشحه لانتخابات الرئاسة، المتهم بها سرحان سرحان، ليفوز بالرئاسة المرشح الجمهوري ريتشارد نيكسون بعد اغتيال منافسه القوي. علامات الاستفهام في اغتيال روبرت كينيدي أكبر بكثير من تلك التي صاحبت اغتيال شقيقه جون قبله بـ٥ سنوات، ولكن من يتذكر روبرت كينيدي أو حتى سرحان سرحان؟ أو حتى فضيحة ووترغيت التي ارتكبها نيكسون أثناء رئاسته وأدت إلى عزله؟

• سواء أكانت مؤامرة أم لم تكن، فقد تمتع جون كينيدي بكاريزما يحسده عليها السياسيون، وكان مؤثراً ومقبولاً جماهيرياً، ودخل في عمق الحرب الباردة مع السوفيات، فقرر خوض تكنولوجيا الفضاء، بعد أن أظهر السوفيات تقدماً في هذا المجال من الدوران حول الكرة الأرضية إلى "الكلبة لايكا" إلى "غاغارين" وغيرها، لينتهي الأمر بالتفوق الأميركي على سطح القمر والذي خطط له كينيدي، ولكن لم يشهده.

• ربما كان أهم ما قام به كينيدي هو تعامله، في خريف ١٩٦٢، مع أصعب أزمات التاريخ الحديث، "أزمة الصواريخ الكوبية"، حيث كان العالم على حافة حرب عالمية ثالثة، نووية الملامح. ولربما كان التغير الاجتماعي الذي جلبه جون كينيدي، لا يقل أهمية، حيث كان انتخابه كأول رئيس كاثوليكي، كاسراً التقاليد الصارمة السائدة، ممهداً الطريق لفئات اجتماعية أخرى، وسط صراع الحقوق المدنية ضد العنصرية، وحقبة "حلم" مارتن لوثر كنغ، ليأتي أوباما رئيساً بعد أكثر من أربعة عقود في هذا السياق.

• وكما يبدو فإنه عند تكريم شخص لا يكتفى بإطلاق اسمه على شارع بل تؤسس باسمه مكتبة، وهكذا تأسس باسم كينيدي مركز ثقافي ومكتبة، والتي أقامت معرضاً خاصاً عن أزمة الصواريخ، تضمن معلومات وتسجيلات تعرض لأول مرة، لم يتم توفيرها للتداول خارج المعرض، ولذا فإنها تستحق العرض والنقاش لاحقاً.