ردود فعل متباينة أثارها قرار رئيس التلفزيون المصري عصام الأمير، بعرض مسلسلات صينية مدبلجة، في وقت لم يدخل التلفزيون في مشاريع إنتاجية جديدة، واكتفى بعمل درامي واحد بعد سلسلة من الأعمال لم تحقق نجاحاً يذكر.

Ad

يرى المخرج محمد فاضل أن قرار عرض مسلسلات صينية مدبلجة في غير صالح التلفزيون المصري ولا مبرر له، لأن الأخير يملك قدرة إنتاجية وأستوديوهات، وكل ما يجعله شريكاً أصيلا في صناعة الدراما، فلماذا يتخلى عن دوره بكل سهولة ومن دون مبرر؟

يضيف: «حتى وإن لم تكن السيولة كافية للإنتاج وجب على القيمين على التلفزيون أن يعرضوا الأعمال التي سبق وأنتجها ولم تأخذ حقها في العرض أو عرضت لمرة فقط، مثل «ربيع الغضب»، «كان ياما كان»، «أهل الهوى»، وغيرها».

يتساءل: «هل قرر التلفزيون التوقف عن الإنتاج أم ينتج ولا يعرض أعماله ويكتفي بعرض أعمال مدبلجة؟ وهل تم عرض هذا القرار على مجلس الأمناء أو لجان الدراما والمختصين في التلفزيون أم أن صاحبه اتخذه منفرداً؟ وغيرها من الأسئلة التي لا نجد إجابات لها».

خطر على المستقبل

يؤكد الكاتب محفوظ عبدالرحمن أن هذا القرار خاطئ وضد مستقبل الدراما في مصر، بعدما كانت  سفيراً لبلادها في الدول العربية والإسلامية وسبباً رئيساً في انتشار اللهجة المصرية في معظم دول العالم.

يضيف: «فجأة يقرر مسؤول في التلفزيون التنازل عن كل هذا والاكتفاء بشراء أعمال درامية ضعيفة فنياً، والسماح لثقافة غريبة عنا بأن تدخل كل بيت في مصر».

 يوضح أنه ليس ضد عرض دراما مدبلجة على القنوات المصرية، «ولكن يجب ألا يكون ذلك على حساب الدراما المصرية أو الدور الرئيس لتلفزيون الدولة، خصوصاً أن لدينا القدرة على تقديم فن جيد وإنتاج قوي».

 يعتبر أن ما حدث هو سوء إدارة وتراخٍ عن تقديم فن جيد، وأن القرار استمرار لمسلسل فشل مسؤولين غير مدركين لأهمية الفن ودوره في الداخل والخارج، ولا يعرفون أهمية تلفزيون الدولة وما يجب أن يقدمه.

في السياق نفسه، يؤكد عمرو واكد أن الفن هو القوة الناعمة التي لها تأثير سحري على الشعوب، ويقول: «تملك الدولة قنوات فضائية وأرضية وشركات إنتاج واستديوهات، وبالتالي من السهل التأثير في الجمهور والعمل على زيادة ثقافته ووعيه، ولكن أن نترك كل هذا ونأتي بثقافة غريبة عنا ونتركها تدخل كل بيت وتؤثر في مجتمعنا، فهذا الفشل بعينه وعدم إدراك لأهمية الفن ودوره في المجتمع».

يضيف: «إذا كانت إدارة التلفزيون لا تستطيع التعامل مع هذا الكيان الكبير وتقديم فن جيد للجمهور، فعليها الاستعانة بمتخصصين في هذا المجال، تحديداً الإنتاج والتسويق، لتستطيع إنتاج أعمال جيدة وتسويقها بشكل جيد بدل الاستعانة بأعمال مدبلجة والتوقف عن الإنتاج».

موازنة محدودة

تعذر رانيا فريد شوقي القيمين على التلفزيون لأن الأعمال المدبلجة سعرها منخفض، مقارنة بالأعمال المصرية التي ارتفعت بسبب مبالغة النجوم في زيادة أجورهم، ثم أدت موازنة التلفزيون المحدودة إلى انخفاض الإنتاج، ولم تعد الأعمال تغطي ساعات البث فترة طويلة بالإضافة إلى عدم تحقيقها أي نجاح يذكر.

في المقابل يلاحظ المخرج علي عبد الخالق أن هذا القرار جيد وخطوة على الطريق الصحيح لتحسين أوضاع التلفزيون المالية، لا سيما أنه يعاني نقصاً شديداً في السيولة جعلته يتوقف عن الإنتاج، والتجارب الإنتاجية التي خاضها في الفترة الأخيرة غير موفقة، وبالتالي كان على الإدارة البحث عن حلول غير تقليدية تعوض الخسائر التي تكبدتها، ولا تحمّل الموازنة أعباء أخرى، إذ تكفي رواتب 43 ألف موظف داخل هذا المبنى.

 يضيف أن قنوات التلفزيون لا يمكن أن تستمرّ متكلة على التراث والأعمال القديمة، لأن الجمهور يبحث عن الجديد، دائماً، خصوصاً مع تسابق القنوات الخاصة على شراء الأعمال الجديدة وتسويقها.

يتابع: «كل هذه الأسباب جعلت القيمين على التلفزيون يفكرون بطريقة مختلفة لإعادة الجمهور إلى الشاشة، لكن من دون إنفاق أموال كثيرة، فدخلوا في شراكة مع قناة «إم بي سي» تتيح لهم عرض أحد المسلسلات الجديدة، فيعود الجمهور تدريجاً إلى شاشة التلفزيون المصري، شرط ألا يمتنع عن الإنتاج الدرامي لأن التلفزيون المصري أساس الدراما العربية».

إفلاس وفشل

يرى الناقد طارق الشناوي أن هذا القرار صحيح، وليس أمام التلفزيون من حلول بديلة لأنه في حالة إفلاس، وكل ما لديه موجه إلى رواتب ومكافآت 43 ألف موظف معظمهم بلا عمل حقيقي، وبالتالي كان على إدارته التفكير بصورة واقعية، لعدم توافر أي أموال للإنتاج وأعمال على مستوى عال لجذب الجمهور، وكل ما أنتجه العام الماضي ثلاثة مسلسلات: «ربيع الغضب، أهل الهوى، كان يا ما كان» كلها فشلت، ولا جمهور لها.

يضيف: «كان الحل في عرض أعمال صينية أو تركية لجذب الجمهور وعودة الإعلانات، ثم الشراكة التي عقدها التلفزيون مع إحدى القنوات الفضائية، تتيح له عرض أعمال درامية رمضانية جديدة حتى يستطيع المنافسة، على أن يعود بعدها إلى لإنتاج ولكن من خلال من يجيد الإنتاج الفني والتسويق.