تختزل الفعاليات الأثرية في مهرجان القرين الثقافي الـ20 أنماطا من الحياة وحقبا تاريخية ممزوجة ببعد إنساني عبر أيقونات مصغرة تخضع للتأويل وفقا لمعطيات العصور الماضية.

Ad

واستضاف متحف الكويت الوطني، ضمن فعاليات المهرجان، معرضا أثريا تمحور حول المكتشفات في تلي سعد وسعيد، وثلاث محاضرات متنوعة عن الأختام ونتائج التنقيب الحديثة بجزيرة فيلكا، تحدث فيها الباحثون سلطان الدويش وحامد المطيري وخالد السندي، وأدارها الباحث شهاب عبدالحميد.

بداية، افتتح الامين العام للمجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب علي اليوحه معرض آثار تلي سعد وسعيد والمنطقة المحيطة بجزيرة فيلكا في متحف الكويت الوطني، ويشمل المعرض آثارا متنوعة مكتشفة في موقعي سعد وسعيد والمنطقة المحيطة بهما بجزيرة فيلكا، التي تتسم بالتنوع الثقافي، وتضم ملامح من ثقافات الالفين الاول والثاني قبل الميلاد، إذ نشأت في هذه البقعة حضارة مزدهرة انتجت العديد من مفردات الثقافة المادية التي لاتزال شواهدها شاخصة حتى الآن.

بعد تاريخي

بهذه المناسبة، أكد مراقب الآثار في المجلس الوطني سلطان الدويش أن موقعي سعد وسعيد وما حولهما يتميزان بالبعد التاريخي العميق، نظرا للمكتشفات التي تم العثور عليها، مشيرا إلى أن المنطقة المحيطة بتلي سعد وسعيد تم العور فيها على تل يعود للعصر البرونزي مكون من مبنى اداري وورشة عمل تابعة له، كما اكتشف معبد فريد من نوعه صمم على شكل برج، ومن المكتشفات الأخرى موقع عائد لنهاية الالف الاول قبل الميلاد ينقسم إلى قسمين: معبد وورشة للدمى الطينية.

واستطرد الدويش في الحديث عن المكتشفات الأخرى، مبينا أنه في ثلاثينيات القرن الماضي شيدت فوق تل سعد استراحة الشيخ أحمد الجابر، وساهمت هذه الاستراحة في المحافظة على الكثير من الآثار في المنطقة، موضحا أن اللوحة المسمارية التي تم العثور عليها في الجزيرة تعد الأكثر أهمية، إذ يعتبرها علماء الآثار من أندر المكتشفات الأثرية.

من جانبه، قال رئيس قسم المسح والتنقيب الاثري في متحف الكويت الوطني حامد المطيري: "نهدف إلى تعريف الجمهور بالقيمة التاريخية للمكتشفات الأثرية في تلي سعد وسعيد، لاسيما وشائج بدأت تتشكل من خلال هذه القطع الاثرية تشير إلى ارتباطات تاريخية مهمة".

وعن قائمة التراث العالمي، قال المطيري إنه سيتم اعتماد ملف آثار تلي سعد وسعيد في القائمة التمهيدية لمواقع التراث العالمي بنهاية فبراير المقبل، مبينا ان الجهات المسؤولة تبذل قصارى جهدها لتجهيز ملف التسجيل، بالتعاون مع منظمة الثقافة والتربية والعلوم "اليونيسكو" والمركز الاقليمي في البحرين.

ومضات

وفي المحاضرات الأثرية، تنوعت الآراء في قراءة الاختام وماهيتها وفقاً لثقافة المتحدث ومرجعيته، وفي المحاضرة الأولى تحدث المطيري عن نتائج التنقيب الأثري الحديث في جزيرة فيلكا.

واعتبر ان البيانات التي حصل عليها الباحثون في الجزيرة ساهمت في تصحيح بعض المعلومات التاريخية المتعلقة بالاستيطان على هذه البقعة، إذ أرخت هذه المكتشفات للوجود الإنساني في الجزيرة في نهاية الألف الثالث قبل الميلاد، مستعرضا بعض المكتشفات من الأختام والأسلحة ومستلزمات الحياة والأخرى، محذرا من التعديات والتجاوزات المستمرة على أرض جزيرة فيلكا.

وفي المحاضرة الثانية، تناول الدويش الأختام محددا أنواعها وانتماءها وطرق صناعتها، لافتا إلى تعدد أسماء جزيرة فيلكا في المصادر التاريخية، مضيفا: "لكل حضارة شكل معين من الأختام، واتساقاً مع بعض المعطيات التاريخية تم اعتماد هذا التصور عالميا".

جانب اقتصادي

أما الباحث البحريني خالد السندي فقد تساءل، في مفتتح محاضرته، هل هذه المكتشفات الأثرية اختام أم تمائم؟ ثم قال: "ربما تجمع هذه الاختام بين البعد الديني والجانب الاقتصادي ضمن تشكيلاتها، كما أنها ربما تكون تعويذة"، مستعرضا مجموعة من الأختام محاولا تفسير مدلولاتها، معتبرا ان نقوشها لغة عالمية سهلة الفهم لا تحتاج إلى نص، كما يحدث في اللوحات الإرشادية في الشوارع التي تعتمد على الرسم.

ثم فتح باب النقاش، واستفسر الحضور عن مجموعة نقاط مهمة، وقال محمد السعيد إن ظهور الأختام تزامن مع الثورة الزراعية، لذلك هي بذور لأشياء محددة، لافتا إلى أنه يستطيع قراءة 95 في المئة من الأختام المعروضة، "ومن يريد الاستماع لهذه القراءة يمكنه الحضور الثلاثاء المقبل في ملتقى فيلكا في مطعم الساحة بمنطقة بنيد القار، ضمن ندوة سأخصصها لقراءة الأختام".

أما د. نواف الجحمة فاقترح الفصل بين البحث العلمي والرؤية السياسية، بينما تساءل الباحث صالح المسباح عن نتائج البحث المتعلقة بالتسميات والبعد التاريخي.