منحى خطير جدا بلغه أبناء الحضانة العائلية في وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل، القاطنون في البيوت التابعة للادارة، الواقعة خارج مجمع دور الرعاية الاجتماعية، هذا ما أكدته جميع تقارير الاشراف الاجتماعي وعمليات الرصد التي يقوم بها الاختصاصيون التابعون للادارة.

Ad

وكشف الاختصاصيون خلال تقرير «تشخيص المشكلات الواقعة في بعض البيوت الخارجية التابعة لإدارة الحضانة العائلية» المرفوع إلى وزارة الشؤون، أن سلوكيات بعض الأبناء بلغت حدها، حيث قام بعضهم بارتكاب أفعال اجرامية يعاقب عليها القانون، وبعيدة عن قبضة رجال الأمن، على سبيل المثال لا الحصر، الاتجار وتعاطي المخدرات، وحيازة الأسلحة، فضلاً عن ظهور مؤشرات لممارسات جنسية شاذة.

تراكم السلبيات

وأوضح التقرير، الذي حصلت «الجريدة» على نسخة منه، أن «تراكم المواقف السلبية دون معالجتها، وتكرار المشكلات ذاتها دون وضع حلول جذرية لها من قبل المسؤولين، خلّفا اوضاعا سيئة جدا، ورسّخا سلوكيات غير مقبولة من جانب بعض الأبناء سواء من الفتيان أو الفتيات، ومجافية تماماً لعادات وتقاليد ومبادئ المجتمع الكويتي».

وعدد التقرير بعض المشكلات التي تواجه إحدى الدور التابعة للادارة، وهي عمارة حولي رقم (3) بالقول: «يوجد بالعمارة 40 نزيلاً بينهم من يعملون، وآخرون عاطلون عن العمل، إلى جانب بعض الأبناء الذين انفصلوا عن أسرهم، ومنهم من تزوج ومنهم المقيم».

وأضاف: «هناك ممارسات غير اخلاقية تمارس في هذه العمارة، إلى جانب ظهور ممارسات اخرى سلبية وأنواع عدة من الانحرافات السلوكية، حيث بدأ تأثير هذه المشكلات بالانفجار، ونتوقع أن تكون مصدراً للازمات والقلاقل المتكررة، واستمرار حالات الوفاة نتيجة الاوضاع غير السوية لبعض الابناء منها الاتجار وتعاطي المخدرات والمسكرات».

تعاط واتجار

وأوضح التقرير أن «هناك حالتين تعانيان أوضاعا صحية سيئة نتيجة بلوغهما مرحلة خطيرة من الادمان، وهناك معلومات مؤكدة مصدرها الأبناء أنفسهم، تفيد بأن هاتين الحالتين عرضة إلى الوفاة في أي لحظة بسبب تعاطيهما أنواعا غاية في الخطورة من المخدارت والمسكرات».

وتابع: «تتعاطى إحداهما الكحوليات إلى جانب (الكلونيا)، وسبب له ذلك تهتكا شديدا في الامعاء والكلى، مع ظهور بوادر هذيان مستمر وفقدان للوعي، فضلاً عن ثقل اللسان والنطق بعبارات غير مفهومة، إلى جانب قدومه على افعال خطيرة جدا تهدد حياته وحياة الاخرين من الأبناء».

قتل أحد الأبناء

وقال التقرير: «إن أحد الأبناء من قاطني هذه العمارة، يبلغ من العمر 24 عاماً، عاطل عن العمل، سبق أن عمل مدة عام تقريباً في الجيش، غير أنه تم تسريحه، يمارس الان سلوكيات شائنة ومنحرفة من سرقات وممارسات جنسية شاذة، إلى جانب تعاطيه المخدرات والاتجار بها».

وأضاف: «دأب هذا الابن في الآونة الاخيرة على التعاطي عن طريق الحقن، مستخدماً وسائل خطيرة، وهو كثير الشجار مع الاخرين، وقام قبل 6 أشهر بطعن أحد الأبناء الذي وافته المنية أخيراً».

وهنا تتساءل «الجريدة»: هل هذا الابن الذي وافته المنية، هو ذاته الذي أعلنت وزارة الشؤون قبل فترة، وفاته جراء تعاطيه جرعة زائدة من المخدرات، أم أنه ابن آخر توفي جراء الاهمال وضعف الرقابة والتسيب الاداري الذي بلغ حده؟، وإن كان ابنا آخر فما الاجراءات التي قامت بها الوزارة حيال الأمر؟، وهل تم ابلاغ الجهات الامنية والنيابة العامة بالواقعة؟، أم كالعادة «عتّمت» الوزارة على الامر و«طمطمت» حتى لا يحاسب أحد؟

يد العدالة وعقبة القانون

وبين التقرير أن «هؤلاء الأبناء يرددون باستمرار أنهم أبناء الدولة، وأن يد العدالة لم ولن تصل اليهم، وانهم سيقومون بأي فعل يحلو لهم دون الاكتراث بقوانين وأنظمة الدولة، خصوصا أن هناك اعتقادا راسخا لديهم بأن اقامتهم في احدى مؤسسات الدولة حماية لهم، وسد منيع يحصنهم عند اقتراف أي سلوكيات مجرّمة».

وذكر أن «لدى ابناء هذه العمارة اعتقادا بأن الجهاز الوظيفي والأنظمة واللوائح والقرارات الرسمية عقبة تحد من حرياتهم، لذلك فإن أي توجيهات من الجهاز الاداري تقابل بالرفض والعصيان، إلى جانب تعدد اعضاء الجهاز الفني القائم على عملية التنشئة الاجتماعية خلال السنوات الماضية، وعدم ثباتهم في العمل ما يؤثر على نفسية الأبناء تأثيراً بالغاً، ويساعد على تنامي مشاعر النبذ التي يشعرون بها من المجتمع المحيط».

وأضاف: «هذا الشعور ينمي لديهم بوادر شخصيات متمردة تسعى إلى فرض آرائها وإشباع حاجتها الآنية دون تأجيل أو وضع أي اعتبارات للقوانين والنظم واللوائح والقرارات الرسمية وكذلك العادات أو التقاليد».

حلول ومقترحات

واقترح القائمون على وضع التقرير بعض الحلول التي قد تساعد على انقاذ ما يمكن انقاذه، والحد من هذه الظواهر الخطيرة، والعادات الدخيلة التي ظهرت على بعض ابناء «الحضانة»، كاتخاذ قرار بسحب الجهاز الوظيفي العامل في هذه العمارة، ووقف جميع الخدمات المقدمة للنزلاء، وجعل هذا المبنى للمبيت فقط مع تحمل النزلاء المسؤولية الكاملة نظير وجودهم بهذا المكان.

واقترح التقرير أيضا «فرض طوق حماية لجميع النزلاء، من خلال رصد ومتابعة سلوكياتهم عبر التعاون مع الجهات المختصة، مع اتخاذ قرار سريع بتحويل الأبناء المدمنين والمتعاطين للمخدرات إلى مصحة نفسية سواء داخل البلاد أو خارجها لتلقي العلاج، فضلاً عن ضرورة القيام بمسح صحي شامل لجميع النزلاء مع فتح ملفات صحية لدى المركز الطبي، والقيام باستحداث ملفات نفسية واجتماعية لجميع النزلاء مع الاحتفاظ بالجزء الخاص للحالة التتبعية لكل نزيل».

وقف الإعانات

ومن ضمن الاقتراحات أيضا التي ذكرها التقرير، «وقف كل أو جزء من الاعانة التي يتقاضاها الأبناء من قبل ادارة الرعاية الأسرية كشرط أساسي لقبول نظم ولوائح البيوت القاطنين فيها، مع دراسة تطبيق مقترح وضع اساليب جديدة وغير تقليدية لمواجهة هذه المشكلات التي منها تنفيذ المشروعين التجاري والعقاري الموجهين إلى قاطني عمارة حولي (3)، ونزيلات دار الضيافة للفتيات، إضافة إلى مشروع تنمية مهارات وقدرات الأبناء».