هل السعادة خيار؟
![د. أسيل العوضي](https://storage.googleapis.com/jarida-cdn/images/1646677413853007800/1646677426000/1280x960.jpg)
شاهدت مؤخراً فيلماً وثائقياً عن السعادة يستعرض دراسة مفادها أن خمسين في المئة من مقدار السعادة أو التعاسة التي يشعر بها الإنسان ترجع إلى تركيبته الجينية، وعشرة في المئة فقط من مشاعر السعادة أو التعاسة ترجع إلى الظروف المعيشية كالمدينة التي يعيش فيها الإنسان، نوع المسكن، مستوى الدخل، نوع العمل، وظروف المعيشة بصورة عامة. أما الأربعون في المئة الباقية فهي تعتمد على السلوكيات التي يختارها الإنسان. معنى ذلك أن ما كنا نعتقد أنه مصدر لسعادتنا أو تعاستنا لا يمثل إلا جزءاً ضئيلاً منها، وأن ما يقارب النصف من مقدار السعادة يعتمد على خياراتنا. فهل السعادة هي فعلاً خيار؟ يعرض الفيلم لقاءً مع رب أسرة هندية في كالكاتا فقيرة جداً، وتعيش في منزل من صفيح عبارة عن غرفة واحدة ينام فيها جميع أفراد العائلة. يروي رب الأسرة عن سعادته عندما يرجع آخر النهار بعد قضاء يوم شاق من العمل، ويتناول وجبة المساء مع عائلته وبعض الجيران. ويعرض الفيلم لقاءً آخر مع رجل برازيلي يسكن في بيت أقل من المتواضع، ولا يملك شيئاً غير هواية ركوب الأمواج التي تمده بالسعادة وتغنيه عن الحاجة للمال والمقتنيات العينية. ويعرض الفيلم أيضاً نتائج إحدى الدراسات التي تؤكد أن أكثر شعوب العالم تعاسة هو الشعب الياباني رغم حالة الرفاهية والتقدم التي يتمتع بها.تذكرت أيام الدراسة في أميركا، عندما كنت دائماً أتساءل عن سر سعادة من يعمل كاشيراً في الجمعية، ويتقاضى عشرة دولارات في الساعة يعيل بها أسرته، أو سر سعادة ذلك الطالب المقترض للآلاف من الدولارات كي يدفع مصاريف الجامعة ويعمل بوظيفة أو اثنتين كي يوفر لنفسه مصاريف السكن والأكل، ليتخرج ويبدأ حياته المهنية كي يسدد ما ينتظره من ديون لسنوات طوال.إذا كانت السعادة هي فعلاً خيار فما الذي يمنعنا من هذا الاختيار؟