أميرة عامر... التقاطات إنسانية نافذة وسرد مكثف

نشر في 27-03-2014 | 00:01
آخر تحديث 27-03-2014 | 00:01
تركز الكاتبة أميرة عامر على قضايا المرأة ضمن أول مجموعة قصصية لها جاءت بعنوان «هناك رجل».
هذه أول مجموعة قصصية للكاتبة أميرة علي عامر، وحتما نتمنى ألا تكون الأخيرة، فقد تميزت مجموعتها بلقطات نافذة للوجدان الإنساني، وبلغة بسيطة، وسرد مختزل قد لا يستطيع أي كاتب أن يمتلكه، وراحت الكاتبة ترسم ومضات من  صدور شخوص العمل هنا وهناك.

صدرت المجموعة القصصية تحت عنوان "هناك رجل" عام 2011 عن دار مدارك للنشر، وهي من القطع المتوسط، وعدد الصفحات 145 صفحة، وبإخراج مهني متميز، وتضم 26 قصة قصيرة.

في بداية الإصدار تقدم الكاتبة الشكر لعدد من الكتاب الذين ساهموا بدفعها لخوض غمار نشر حكاياتها بين دفتي كتاب، ومنهم الشاعر علي السبتي والأديب حمد الحمد والكاتب عدنان فرزات وصادق الصائغ وفيصل لعيبي وهادي عامر. الإهداء كان مؤثرا حيث رسمت الكاتبة الكلمات التالية له: "لم تكن هناك... بحثت عنك لو كنت، لما شعرت باليتم والحرمان... أميرة ابنتك).

لقطات نافذة

استخدمت الكاتبة أميرة عامر من أول قصة اللقطات النافذة السريعة التي تختزل الحدث بدون متجنبة الإطالة معتمدة على التكثيف في إيصال فكرتها، قد تصدمك القصة الأولى المعنونة cone te partiro  كونها ترسم سوداوية الحدث، فبطلة القصة تتألم، فقد احتل جسدها إشعاعات المستشفى المدمرة.

وفي قصة "إعلان" نرى السرد التالي: "أتذكر والدي في بعض الصور والألعاب، وأشياء غير مفهومة، حاولت مرارا أن اقبض على تلك الومضات بنواجذي، لكن كانت تنساب كالماء من بين أصابعي".

سرد مؤثر بلا شك يحكي تقلبات موجعة لبطلة القصة، والفشل الذي يلازمها بحثا عن رجل يشبه المشار اليه في إعلان أرسلته لإحدى الصحف.

وفي قصة "عيد ميلادي" ترسم الكاتبة لحظات مؤثرة عندما تعجز بطلة القصة عن الإنجاب، فتهدي لزوجها زوجة أخرى، وقد كان الحل هو المخرج... ولكن هل يبزغ أمل جديد، تتضمن القصة أحداثاً مفاجئة لاسيما أن نهاية الحكاية تدل على تمكن الكاتبة من أدواتها وحسن انتقاء الخاتمة باقتدار.

مشاعر إنسانية

قصة "محاولة قتل ناجحة" تتضمن أحداثاً طريفة، كما تركز على البعد الإنساني، إذ ترصد طريقة تعامل البشر مع كائن آخر في بحث للوصول إلى تفكير هذا الكائن، للتعرف على أسباب السلوك العدواني لهذا الكائن.

مشد سوداوي

يطل المشهد السوداوي في مجموعتها القصصية من خلال حكاية "الدور 43" فنجد حديثا عن مرض خبيث يفتك بالبطلة، وينهش جسدها، وفي قصة "أنانية" ترصد الكاتبة حالة انكسار مؤلمة كما تتلمس في القصة ذاتها طريق للهروب.

أما قصة "الردة" فهي تحمل الفكر العميق للكاتبة، فرغم أن مساحتها في صفحة ونصف فقط، فإنها تمثل قضية كبرى حيث ترتدي بطلة القصة النقاب، من أجل أن يؤشر رئيس القسم بالقلم على تعيينها بوظيفة مدرس مساعد رغم أنه كان قد رفضها عندما أجرت معه مقابلة وكانت سافرة! قد تكون القصة الأخيرة والمعنونة "لوح الزجاج" تسير في نسق القصة الأولى من المجموعة.

ملامح

تفوقت الكاتبة أميرة عامر في مجموعتها القصصية الأولى وتضمن سردها في المجمل ثباتاً ووضوحاً بلا غرائبية او طلاسم، ونستطيع القول ان الكاتبة نجحت في اختزال كل حدث بدون إطالة، حتى أن أي قارئ سيعبر جميع القصص بسهولة ويسر وبدون ملل، لكن الملاحظ أن الجانب النسوي قد سيطر على معظم القصص، كما أن بعض القصص تمحورت حول المرض الذي يقود إلى الغياب المر. وبشأن انتقائها للعنوان، تفوقت الكاتبة في عملها الأول، إلا أننا نعتقد أنه لو تم اختيار عنوانا آخر للمجموعة لكان أفضل، ولكن الأمر يبقى لتصور الكاتب ولا يخل بالمضمون.

بالختام حتما أن أميرة عامر تعتبر مكسبا للإبداع الكويتي، فبدت كاتبة متألقة من أول إصدار، ولكن يبقى أن تكمل المسيرة بأعمال لاحقة حتى تترسخ قدماها قي الوسط الثقافي الكويتي، الذي تتدفق اليه دماء جديدة بين يوم وآخر.

back to top