اتهمت منظمة «هيومان رايتس واتش» أمس قوات الأمن المصرية بتنفيذ عمليات قتل ممنهج، محمّلة القيادة السياسية مسؤولية أحداث فض اعتصامي رابعة والنهضة المؤيدين للرئيس المعزول محمد مرسي، وانتقدت القاهرة البيان متهمة المنظمة بالتحيز لجماعة «الإخوان»، التي حشدت أنصارها لإحياء الذكرى الأولى للفض.

Ad

صعَّدت منظمة «هيومان رايتس واتش» إحدى أهم المنظمات الدولية المعنية بحقوق الإنسان في العالم موقفها ضد الحكومة المصرية، واختارت يوم زيارة الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي إلى روسيا لتصدر أمس تقريرها الاستقصائي عن فض قوات الأمن اعتصامي «رابعة العدوية» و»نهضة مصر» الموالين للرئيس الإخواني المعزول محمد مرسي، أغسطس العام الماضي، وتحمل السيسي مسؤولية ارتكاب جرائم «ضد الإنسانية».

وكانت السلطات المصرية منعت أمس الأول مدير المنظمة التنفيذي، كينيث روث من دخول البلاد، وأبقته قيد الترحيل نحو 12 ساعة في مطار القاهرة الدولي، ما أثار غضباً حقوقياً في الأوساط الدولية، ودفع المنظمة إلى نشر تقريرها على نطاق واسع في ثلاث عواصم هي بيروت وجنيف ونيويورك، ما دفع منظمة الشفافية الدولية إلى مطالبة الحكومة المصرية باحترام منظمات المجتمع المدني واحترام حقوق الإنسان.

وفي المقابل، نفت وزارة الداخلية المصرية، أن يكون منع المدير التنفيذي للمنظمة من دخول البلاد لأسباب تعسفية، موضحة أن المنظمة تقدمت بطلب لعقد لقاء مع مسؤولين مصريين قبل إطلاق تقريرها، إلا أنه تم إبلاغها تأجيل الزيارة إلى شهر سبتمبر المقبل، مع تأكيد ضرورة الحصول على تأشيرة مناسبة، وأن التأشيرة السياحية لا تصلح، إلا أن وفد المنظمة خالف تلك الشروط.

وقال تقرير المنظمة، الذي حمل اسم «مجزرة رابعة والقتل الجماعي للمحتجين بمصر» إن أعداد قتلى الفض وصلت إلى 817 قتيلاً، على أقل تقدير، واصفة عمليات القتل بـ»الممنهجة»، حيث استخدمت قوات الأمن الذخيرة الحية ضد المحتجين، متهماً وزارة الداخلية بتبييت النية للقتل، بينما قللت من استخدام المعتصمين الأسلحة النارية، قائلة: «الأدلة تشير إلى قيام محتجين في مناسبات محدودة، باستخدام الأسلحة النارية، وإن كان ذلك لا يُبرر الهجمات القاتلة عليهم».

وأوضح التقرير أن وقائع القتل التي حدثت أثناء عملية الفض ترقى على الأرجح إلى مصاف الجرائم ضد الإنسانية، في حين قال المدير التنفيذي للمنظمة، كينيث روث: إن «أحداث «رابعة» تمثل أكبر عملية قتل لمحتجين في يوم واحد في التاريخ المعاصر»، محملين وزير الدفاع عبدالفتاح السيسي، ووزير الداخلية اللواء محمد إبراهيم، ورئيس المخابرات العامة اللواء محمد فريد التهامي و8 من كبار مساعدي وزير الداخلية وثلاثة من كبار قادة الجيش مسؤولية الأحداث، مطالبين بمحاسبتهم حال ثبوت تواطؤهم.

تحيُّز «رايتس»

في غضون ذلك، انتقدت الهيئة العامة للاستعلامات المصرية، وهي إحدى هيئات وزارة الإعلام المصرية، بيان المنظمة، واصفة إياه بالسلبي والمتحيز لجماعة «الإخوان» التي ثبت تورطها في عمليات إرهابية، مُعربة عن رفضها للتقرير، خصوصا في ضوء توجهات المنظمة المعروفة، معربة عن أسفها عن تغاضي التقرير عمداً عن الإشارة إلى وقوع المئات من شهداء الشرطة والقوات المسلحة والمدنيين من جراء أحداث عنف وإرهاب جماعة «الإخوان».

وأوضح تقرير الاستعلامات أن بيان المنظمة اعتمد على توصيفات وسرد وقائع منسوبة إلى مجهولين، ومصادر غير محايدة، ما يعكس عدم مهنية كوادر المنظمة، وانفصال واضعي التقرير عن واقع المجتمع المصري، واعتبرت الهيئة إجراء مقابلات مع الشهود دون أي سند قانوني يُعد انتهاكًا سافراً لمبدأ القانون الدولي المستقر بسيادة الدولة فوق أراضيها، خصوصا بعد قرار المنظمة سحب طلبها إصدار التصريح اللازم لها للعمل في مصر كمنظمة أجنبية غير حكومية.

زيارة روسيا

في هذه الأثناء، أثارت تفاصيل الاستقبال الحافل للرئيس المصري عبدالفتاح السيسي، في روسيا، إعجاب المصريين، مقارنة بزيارة مماثلة للرئيس الأسبق محمد مرسي قبل سنتين.

المباحثات الثنائية مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين تستهدف تدعيم العلاقات الثنائية بين البلدين في شتى المجالات.

وفيما يبدو اهتماماً من موسكو بالزيارة التاريخية، استقبل عدد من الطائرات المقاتلة الروسية الطائرة الرئاسية، بمجرد دخولها المجال الجوي الروسي، حتى هبوطها في مطار مدينة «سوتشي»، حيث كان في استقباله وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، كما تضمن مراسم الاستقبال تفقد الرئيس عددا من المعدات والتقنيات العسكرية بينها (الدبابة تي 72 وعدد من العربات ناقلة الجند) داخل ساحة المطار.

استنفار أمني

إلى ذلك، وضعت وزارة الداخلية المصرية بالتنسيق مع القوات المسلحة اللمسات الأخيرة لخطة تأمين البلاد، بالتزامن مع الذكرى الأولى لفض قوات الأمن اعتصامي «رابعة العدوية» و«نهضة مصر»، ومن المقرر أن يشارك في عملية التأمين 120 ألف شرطي، كما بدأت الوزارة في نشر القوات لتأمين المداخل والمخارج والمحاور الاستراتيجية ومحيط ميادين «التحرير»، و«النهضة»، و«رابعة العدوية».

إلى ذلك، واصل «تحالف دعم الشرعية» دعوة أنصاره للتظاهر في ذكرى الفض غدا.