تزاحمت العواصم الخليجية بزيارات رسمية وغير رسمية قبل عدة أسابيع، وأثقلت الأجندة الخليجية بتحديات إقليمية كالمصالحة الإيرانية الأميركية التي ألقت بظلالها بقوة على الحلقات النقاشية في مؤتمر حوار المنامة والقمة الخليجية، وكشفت التباين في الآراء بين متفائل (مثالي) ومتشائم (واقعي)، فاعتمدت الأمانة العامة التصميم الهيكلي الجديد والمسمى بالاتحاد الخليجي كوسيلة أو بالأحرى كمظلة لاستيعاب التغيرات، ولكن بنظام جديد يشمل أعضاء جدداً وبدوافع اقتصادية أمنية جيوسياسية.

Ad

 والنموذج المطروح لدول الخليج هو التعاهدي أو الكونفدرالي بشخصية دولية واندماجية محدودة لم تجد سلطنة عمان لها داعيا، فلم تبد حماسها للتغيير، بعدها بفترة بسيطة أدرجت الأمانة العامة الاتفاقية الأمنية دون الأخذ بعين الاعتبار معوقات الاندماجية الاقتصادية التي تتشابه نوعاً ما مع معوقات الاندماجية الأمنية، وذلك بسبب الافتقار للعوامل المشتركة في القوانين والتشريعات.

ومن أبرز وسائل قياس الاستعداد النفسي والإداري والقانوني للاتفاقيات أو القوانين الاستعانة بالخزانات الفكرية والمؤسسات الأكاديمية لاستطلاع نبض الشارع، ولتحفيز الفكر الابتكاري لمتخذي القرار، ويبدو أن أمواج الربيع العربي في مدها وجزرها بدأت تستدرج الرؤى الأمنية وتثير الحساسية الإعلامية إلى جانب هاجس الدول الصغرى من مشاريع الاتحاد والخوف من الهيمنة، كل ذلك أدى إلى تفاقم الخلافات وفشل المفاوضات حتى اتخذت الدول الثلاث المملكة العربية السعودية ومملكة البحرين والإمارات قرارها بسحب سفرائها من قطر.

واليوم تتجه الأنظار إلى الكويت لعدة أسباب، أولاً: الصفات الشخصية لصاحب السمو حفظه الله ورعاه وتاريخه الثري الدبلوماسي، ثانيا للتجارب الكويتية سجل ناجح في الوساطات الخليجية أثناء الخلافات ومنها أذكر:

• عام 1992 وفي شهر أكتوبر كتبت صحيفة الحياة اللندنية "مانشيت" تضمن: "السعودية تستغرب موقف قطر وتحرص على المعالجة الودية"، والسبب بيان إذاعة الراديو القطري حول مركز حدودي، وقد تلقت قطر اتصالا واهتماما من الكويت والإمارات معا حتى تم احتواء الأزمة.

• عام 1996 ومقاطعة البحرين لقمة مجلس التعاون الخليجي التي استضافتها قطر بشهر ديسمبر ولم تحضر الاجتماع الوزاري، فصرح صاحب السمو حفظه الله :"إن غياب البحرين عن الوزاري لا يمنعها من المشاركة باجتماعات التعاون وإن الكويت مستعدة لأن تقوم بمساع لإقناع البحرين بالعدول عن موقفها". فقامت الكويت وبمساع مشتركة مع المملكة العربية السعودية باحتواء الموقف.

• وفي شهر مارس من عام 2006 عقدت القمة التي جمعت سمو الأمير بخادم الحرمين الشريفين بالرياض، وكشفت صحيفة السياسة الكويتية (عدد 13410)  قضية الوساطة الكويتية بين السعودية وقطر.

• وقبل نيل أغلب دول الخليج العربي استقلالها وتحديداً في عام 1967 وهو عام  التحدي المبكر للقدرات التفاوضية  للدبلوماسية الكويتية نجحت الكويت في وساطتها بين مصر والسعودية، وذلك بشأن القضية اليمنية وتطورت الاجتماعات لتشمل الفصائل اليمنية والأحزاب التي تصدعت بفعل استقطاب الحرب الباردة آنذاك، والتي سأتطرق لها في مقالات قادمة.

ما سبق أخي القارئ لم يكن إلا استعراضا لخلافات البيت الواحد واعتدال دولة الكويت بمواقفها ووساطاتها الناجحة، وذلك المخزون الدبلوماسي الذي تمتلكه بحكمة صاحب السمو وإدارته التنفيذية الدبلوماسية الصحيحة، الأمر الذي يدعونا إلى التفاؤل بانفراج الخلافات الخليجية واحتواء خلافات البيت الواحد.