"خذها من قاصرها" وتوكل على الله واستقلْ من الوزارة، تلك العبارة يجب أن يسمعها ويعمل بها الوزير الشيخ محمد عبدالله المبارك وزير الصحة وشؤون مجلس الوزراء وغيرهما من مرفقات تابعة لمعالي الشيخ، ولا شأن لموضوع الحديث هنا بالاستجواب المقدم من د. القويعان للوزير، فهذا الوزير وبقية زملائه من الوزراء أدرى بنوع العلاقة التي تربطهم بنواب المجلس، فمهما اختلف مع الوزارة عدد من أعضاء المجلس إلا أنه (المجلس النيابي) يبقى منهم وفيهم، ولا شأن لي بهذا الخلاف الداخلي في بيت السلطة الواحدة.

Ad

 الحديث الآن عن واقعة نشرتها أخبار التواصل الاجتماعي والمواقع الإخبارية، عن قيام "الشيخ" الوزير بنقل د. كفاية عبدالملك من مكان عملها كمسؤولة عن قسم العناية المركزة والتخدير، إلى مكانٍ ما في وزارة الصحة، ولا يهم مكان النقل، فالوزير الشيخ بصفتيه المشيخية والوزارية يعتقد أنه "أبخص" بتابعيه من الأطباء، وكأنهم خدم مغلوبون على أمرهم يعملون بقصره الخاص، وليسوا أطباء أقسموا قسم "أبوقراط" على الإخلاص والتضحية لشرف مهنتهم.

 الوزير الشيخ لم يعجبه أن كفاية، والتي أسست وطورت قسم العناية المركزة وبشهادة زملائها من الأطباء تعد من أفضل الأطباء الذين خدموا في القسم، تجاوزت تعليماته السامية، حين قررت نقل مريض قريب لعضو من مجلس التابعين من غرفة العناية إلى الجناح العادي ليحل مكانه مريض آخر من عباد الله المنسيين هو أشد حاجة إلى العناية المركزة، ولأن خاطر هذا العضو أهم عند الوزير الشيخ محمد عبدالله الصباح من الاعتبارات الطبية، وأهم من رأي الاختصاصيين الأطباء، قرر معالي الوزير "الشيخ" أن يمارس مشيخته بكامل عضلاتها المفتولة وينفي كفاية بعقوبة النقل لعصيانها أوامره التي لا يجوز أن تعصى في فقه المشيخات.

 طبعاً من البديهي أن د. كفاية لها حق الطعن على قرار النقل الإداري أمام المحكمة الإدارية، ولها بعد ذلك أن تتبع الطريق القانوني لحفظ حقوقها المهدرة باستبداد الوزير الإداري، لكن هذا ليس محل النقاش الآن، فما يحزّ في النفس هنا ويتجذر يوماً بعد يوم هو الطريقة والمنهج اللذان تدار بهما الدولة وتصرّف أمورها وهي أمورنا وحياتنا وكراماتنا ومستقبل أبنائنا، فلم يخرج ولم يشذّ الوزير الشيخ محمد العبدالله مبارك الصباح في سلوكه عن المبادئ العامة التي تحكم سياسة الدولة وإدارة الدولة، والتي أخذت تتكرس مع تفرد السلطة تماماً بالحكم بعد فرض تلك النوعية من المجالس الأخيرة وبعد الملاحقات الأمنية والقضائية للمشاكسين المعارضين لها.

اليوم نشهد تقنيناً رسمياً لحالة الطغيان الإداري والسياسي بعد أن أيقن أبطاله أنه لم يعد هناك من يقف أمامهم في قاعة المجلس ويقول لهم كلمة لا، لم يعد هناك في تلك الديمقراطية الشكلية من يصدّع رأس الكبار "المتسيدين" على مقدرات الدولة وتابعيهم الدائرين في حلقات ذكرهم... الساحة "فاضية" لهم.. يعملون، يقررون، ينفذون ما يشاءون، هم يلعبون كما يريدون... وكأننا غير موجودين... بهذا النهج ستواجه الكويت تحديات الغد، وبهذا الفكر التسلطي يريدون أن يوهمونا أنهم سينقذون مستقبل الدولة من أيام سوداء قادمة... هل سنصدقهم؟