صوت السويسريون الأحد الماضي بالموافقة، بأغلبية بسيطة، على الاقتراح الذي تقدم به حزب «اتحاد الوسط الديمقراطي» اليميني ذو الطروحات المتطرفة بالانسحاب من اتفاقية الحدود المفتوحة مع الاتحاد الأوروبي واتفاقية شنغن بما يعني فعلياً وقف حرية الحركة والتنقل مع سويسرا بهدف منع هجرة العمالة من الدول الأوروبية الأخرى إليها، وهو ما أثار ردود فعل قوية ومستهجنة من دول الاتحاد الأوروبي، واعتبروه تصرفاً يحمل نفساً عنصرياً وانعزالياً من تلك الدولة المعروفة باقتصادها القوي والمستوى المعيشي المرتفع لسكانها.

Ad

وفي الكويت قُدم اقتراح نيابي بترحيل مليون ونصف المليون وافد تقريباً من البلاد في فترة زمنية محددة، وهو اقتراح مخالف للقوانين الدولية التي ترفض عمليات الترحيل الجماعي للبشر حتى لو كانوا عمالة مهاجرة ومؤقتة، علماً أن أول من طرح فكرة ترحيل العمالة هي الوزيرة السابقة ذكرى الرشيدي.

المقارنة بين الكويت وسويسرا ربما تكون غير دقيقة، لكن في سويسرا وبعد نتيجة التصويت على منع التنقل للعمالة إليها، التقى تلفزيون «فرانس 24» مع عامل فرنسي في سويسرا قال: «إنه يعمل في الفترة الليلية في مخبز حتى يصحو السويسري صباحاً ليجد الخبز جاهزاً، وهي وظيفة لا يحبذها المواطن السويسري». ويضيف أنه «يحصل على أجر أقل من أجر السويسري».

وفي الكويت وقبل أن نتداول ترحيل مليون ونصف المليون وافد علينا أن نفكر بمن سيتولى عشرات بل مئات الوظائف التي لا يقبل عليها الكويتيون، لاسيما ونحن نتجه لبناء مدن إسكانية جديدة تحتاج إلى مدارس ومستشفيات وأسواق عامة ومحلات صيانة من كهرباء وميكانيكا وأدوات صحية فشلت كل معاهد المهن التطبيقية عندنا منذ 30 عاماً في توطين الوظائف الخاصة بها محلياً.

مشكلتنا في الكويت أعمق بكثير من سويسرا، فالوظائف التي تحتاج هناك إلى عمالة أجنبية محدودة، نجد أن 90 في المئة من القوى العاملة الكويتية على المكاتب أو متسربة في بيوتها أو منشغلة بتجارتها الخاصة، وكثير ممن يسطرون أحلى الكلام عن الإصلاح وقيمة العمل لم يداوموا في مقرات أعمالهم منذ سنوات! لذلك فإن الحديث عن ترحيل مليون ونصف المليون وافد عبث، وبعضه حساسية من فئة معينة في البلد لديها مخاوف من زيادة نسبة من جنسية عربية محددة يريدون بأي شكل من الأشكال ترحيلها وخفض تعدادها في البلد.

الحل في الكويت للتعامل مع العمالة الوافدة الزائدة وتعديل التركيبة السكانية تتركز على جعل تكلفة هذه العمالة عالية وغير مجدية على من يجلبها إذا لم يكن له إنتاج حقيقي ومربح ومؤثر، واستثناء مهن محدودة جداً يحتاج إليها البلد مثل عمال النظافة والتمريض ...إلخ، ووضع حد أدنى للأجور للوظائف المكتبية، وكذلك تحمل صاحب العمل كامل تكلفة العامل الوافد الصحية والحياتية الأساسية، ووضع رسوم على التحويلات المالية الخارجية للوافدين كما تفعل المملكة العربية السعودية ودول أخرى، وهو الاستحقاق والقرار الذي يتهرب من اتخاذه صاحب القرار في السلطتين التنفيذية والتشريعية، هذه هي الحلول التي يجب أن تبدأ بها الدولة أما القرارات «القراقوشية» بالترحيل وإبعاد الملايين فهي ارتجال وعفوية لا تصح ولا تليق بمن يشرع ويخطط  لبلد ويرعى مصالح شعب.