فجر يوم جديد: جيران السعد !
![مجدي الطيب](https://storage.googleapis.com/jarida-cdn/images/1458322261627985900/1458322269000/1280x960.jpg)
من مشهد إلى آخر تغيب الطرافة والحيل الطازجة عن المواقف الدرامية، وتطغى البلادة، والخيال الكسيح، و}الإفيهات} السخيفة المستهلكة، كالتوظيف المتكرر للعبارة القديمة {أنا سعد الدالي... انت مين؟}، والاستعانة بالفرح كمبرر لوجود المطرب الشعبي سعد الصغير، والراقصة البدينة المقززة التي نعرف في ما بعد أنها الخادمة المفضلة للعروس. وسرعان ما تختفي الشركة، بعمالها وموظفيها المزعجين، بحجة أن البطل في شهر العسل، وتُصبح الدراما سجينة {الكومباوند}؛ حيث يعيش البطل وزوجته و}جيران السعد}، وبينما كانت الفرصة مهيأة لتقويم تجربة المجتمعات المنعزلة {الكومباوند}، والأغنياء الجدد الذين وصلوا إليها وأفسدوها، يتسبب فقر الخيال والسيناريو الغارق في المبالغات، في تقييد حرية المخرج تامر بسيوني الذي أظهر سابقاً قدرة فنية عالية، وبلغ درجة كبيرة في ما يتعلق بتوظيف عناصر الصورة والإضاءة، في فيلم {خطة جيمي} ومن قبله فيلم {يا أنا يا هوه}. فباستثناء توظيف {الغرافيك}، والاستثمار الجيد لانفجار محول الكهرباء، واللعب على وتر {حرب المياه الملونة} ونجاحه في إلقاء ظلال لونية مبهرة على عدد من {الكادرات}، ارتمى {بسيوني} في براثن سيناريو ركيك، وإنتاج شحيح، وضاعت محاولاته اليائسة لإنقاذ التجربة من الفشل؛ فالزوجة التي تحاكي نانسي عجرم لتستثير رجلها ليست سوى حيلة قديمة، وغاب الهارموني عن الموسيقى التي صاغها اثنان هما: شريف الوسيمي وشادي محسن، والاستعانة بالغناء الشعبي (فيفتي والسادات وعمرو حاحا) قد يكون مبرراً في الحفلة التي أقامها {ثري زمن الفساد}، بمناسبة امتلاك فيللا في {الكومباوند}، لكن العودة للمطربين أنفسهم داخل الفيللا بدا مُقحماً ومباغتاً، بل هو أغرب من الخيال، كونهم ظهروا فجأة كالأشباح والعفاريت!في فيلم {جيران السعد} قالت زوجة البطل، وهي تُحذره من مواصلة التصعيد ضد الأطفال: {بدل ما تحاربهم افهمهم... وبدل ما تفرض سطوتك عليهم تعاون معاهم}. وفي هذه الجملة السحرية يكمن مفتاح الفيلم؛ إذ تكشف عمق الهوة بين الأجيال، وأيضاً الصدام بين الآباء والأبناء، وتؤكد على أهمية الصفح والمغفرة. لكن أحداً لم يهتم بالتركيز على فحوى الرسالة، ومن ثم ضلت الطريق إلى المتلقي، في ظل اهتمام الكاتب بتفاصيل تافهة، وعجزه عن تطوير فكرته، وحالة {التوهان} التي أصابت المخرج وأفقدته التركيز. كذلك القدرة على إحكام قبضته على عناصره الفنية، على رأسها طاقم التمثيل، الذي كان في أسوأ حالاته؛ فالممثل سامح حسين منفعل ومفتعل وبعيد عن الشخصية وميرنا المهندس استنفدت جميع الفرص التي تجعل منها ممثلة، والأطفال ضاعت براءتهم، وافتقدوا خفة ظلهم، وتحولوا إلى شياطين من دون مبرر درامي، وجاءت النهاية السعيدة التي تبادل فيها كل طرف الاعتذار مع الآخر، وعادت الزوجة إلى أحضان زوجها مطلع السنة الجديدة، بمثابة مقلب كبير اعتدناه كثيراً في أفلام {السبكية}!