سريالية لارا زنقول في بيروت

يستمر معرض لارا زنقول حتى 30 مارس المقبل في بيروت، متضمناً 12 صورة فوتوغرافية حول فكرة الحقيقة وإظهار وجهها المخفي عن أعيننا. وتستكمل لارا توظيف صورها لإظهار أفكارها حول ملامح وحالات النفس البشرية والكذب والخيانة وجنون العظمة والخداع والغيب، منجزة ديكوراتها وشخصياتها الخاصة من نساء ورجال وكائنات الطبيعة والبحر وأمور أخرى.

 ليس الحلم وحده ما يطغى على صور زنقول حيث تتنوّع أفكارها بين الطفولة، والحنين، والذاكرة الغائمة، وتسرّب الوقت وزئبقيّة الواقع. تقدم رؤيتين داخل مشهد واحدة، رؤية الواقع ورؤية الحلم، رؤية محسوسة ورؤية غيبية، وتعتبر أن التعليق ليس على سطح الأشياء فحسب، لكن أيضاً على ما قد يكون مخبأ تحته، هي لعبة الأقنعة في الحياة وما تحمله في براثنها من أمور مفاجئة وجميلة وقبيحة ومجهولة وسرية وغامضة، ولا شك في أن الأشياء الغامضة تجعل الأمور جميلة أو جذابة وموضع اهتمام عشاق الصورة.

تقوم صور زنقول على الابتكار قبل كل شيء وهي أقرب إلى لوحات تشكيلية زيتية، ما تفعله الفنانة ليس من فعل الكاميرا فحسب بل من فعل صنع خيالها، والكاميرا هي الأداة لتنفيذ هذه الأشياء. تلعب المصورة بصورها بطريقة أقرب إلى الريشة التي تلون بلغة سريالية، سواء في الكائنات التي تختارها أو صفاء الألوان في الصور. على أن صور زنقول ليست لكشف الحقيقة والواقع فحسب، بل قد تكون وسيلة لالتقاط أمور في الغيب والحلم، وتعمل من خلالها على أمور مختلفة من الحياة، وهكذا تنقسم كل صورة إلى السطح فوق الماء والمساحة تحت مستوى المياه، مع التركيز على أن الحقيقة قد تكون موجودة تحت المياه أو في الماوراء وخلف الأقنعة.

ألوان الطفولة

جميع الصور المعروضة تتميز بألوان ناعمة براقة، وهي بين ألوان البنفسج والأرجواني والوردي والسماوي الفيروزي، ألوان الطفولة والحلم أيضا، وفي  بعض المشاهد تظهر زنقول نماذج في تنانير قصيرة وفساتين راقصات الباليه المتدفقة المتموجة مغمورة تحت الماء ولها مؤثرات بصرية جميلة. في المعرض صورة لفتاتين بالأحمر مقنعتين بالأبيض وواحدة منهما تحاول أن تمزق فستان الأخرى بمقص تحت الماء، هي لعبة الطعن بالظهر، الخيانة المستترة ولعبة الخداع السائدة بين البشر.

في كثير من الأحيان تقترب صور زنقول من السريالية، كأننا أمام مجموعة أشخاص هم جزء من حوض سمك، يطغى طيفه عليهم، ولا يبقى منهن سوى بعض الملامح. في صورة واحدة رجل وامرأة يشربان القهوة أو الشاي في الخفاء تحت الماء ولهما رؤوس حيوانات، في مشهدية آسرة بما تحمله من تعابير وتمثيلات للواقع مطبقةً مقولة {إنسان مركب رأس حمار}، أو تبين كيف يجتمع تناقض الإنسان والحيوان في مشهد واحد، وهذا درس من دروس السريالية. في معظم أعمال زنقول المعروضة تحضر السريالية، من المرأة التي تدير ظهرها وفي الماء تحتها ينبت العشب، إلى المرأة التى تظهر وجهها وعلى شفتيها نجمة بحرية.

في معرضها السابق عرفت لارا نفسها كما يلي: {فوتوغرافيا بلد متوسطي صغير لكنها واعدة، تعتبر من مقومات حياته الثقافية والاقتصادية والجامعية، إذ أن كل مؤسساته الجامعية تدرّس الفوتوغرافيا}. وهي واعدة حقاً...