سلاح مظاهرات الجامعة في يد «الإخوان»
![عبداللطيف المناوي](https://storage.googleapis.com/jarida-cdn/images/1459078147207955600/1459078157000/1280x960.jpg)
العنصر الجديد الذي دخل المعادلة في هذه المرحلة كان التيار الديني الذي بدأ يظهر بين جنبات الجامعة متمثلاً في أسر طلابية أطلق عليها جماعات الوعي الديني تحولت في ما بعد إلى الجماعة الإسلامية، وكانت نشأة وبداية هذه الجماعات بدعم وحصانة مباشرة من أجهزة الدولة السياسية والأمنية في ذلك الوقت لمواجهة المد اليساري والناصري في الجامعات، واعتقد المسؤولون وقتها أن السبيل الوحيد هو حصارهم بتيار ديني طلابي، لكنهم لم يعلموا أنهم بذلك أخرجوا عفريتاً من قمقمه ولن يستطيعوا إعادته، أما فترة مبارك فقد شهدت تراجعاً حاداً في حضور وتأثير الحركة الطلابية، وعن أسباب ذلك يمكن الحديث طويلاً، لكن ما يمكن الإشارة إليه في هذا المجال هو أن هذا التراجع كان منطقياً مع سلوك الدولة في تلك المرحلة التي مارست فيها أسلوباً حاصرت به القوى المدنية في المجتمع واستهدفت تقزيمها وهو ما انعكس داخل الجامعة، خاصة مع ما ساد من توجه واضح للمسؤولين عن أنه لا سياسة في الجامعة، ولكنهم لم يفرقوا بين النشاط السياسي للجماعات والثقافة السياسية والمشاركة الإيجابية، كانت النتيجة في الجامعة جراء هذا الحصار كالنتيجة خارجها، إذ أدى حصار القوى المدنية وتفريغها من قياداتها وتقزيمها إلى حدوث حالة من الفراغ، وكانت القوة الوحيدة القادرة على ملئه هي القوى المحسوبة على الإسلام السياسي وساهم في هذا أيضاً سياسة النفاق لهذه القوى والتعامل بسياسة الاحتواء، أو ما اعتقده المسؤولون في ذلك الوقت بأنه لم يعد في الساحة سوى الدولة والإسلاميين، وكانت الجامعة منقسمة بين الإسلاميين واللامباليين. وبناء على ما سبق، فإن ما يحدث في الجامعة الآن هو استغلال للوقود الذي زرعته الحركات الإسلامية من تواجد داخل الجامعات وحالة الغياب النسبي للدولة عن الحضور المؤثر بين الطلاب بخدمات اجتماعية وتعليمية، إضافة إلى تغييب أي حضور للقوى السياسية المدنية داخل الجامعة، فكانت النتيجة أن من يمتلك صوتاً عالياً ومن يصلح لأن يكون عنصراً مؤثراً هم قلة من الطلاب المنتمين للإخوان وأتباعها من الجماعات في مواجهة أغلبية عظمى من الطلاب بات همها فقط الانتهاء من العام الدراسي، واستغلت هذه العناصر المنتمية للإخوان ما سبقت الإشارة إليه من حرمة الجامعة.لماذا جامعة الأزهر؟ للإجابة هنا شقان، الجامعة باعتبارها جزءاً من مؤسسة الأزهر التي كانت هدفاً دائماً للإخوان لإسقاطه والسيطرة عليه، والشق الآخر هو البنية الاجتماعية للطلاب وإمكانيات الدولة المخصصة لهذه المؤسسة والجامعة، وسأتناول الشق الثاني اليوم وأعود إلى الأول في مقال مقبل.معظم طلاب الأزهر يأتون من المدن والقرى المصرية ومن أبناء المصريين الذين يرون في الأزهر، كما رأى آباؤهم وأجدادهم، منارة لم يعرفوا غيرها للعلم، وبالتالي فإن معظم طلاب الأزهر من المنتمين إلى الطبقة الوسطى المصرية وما دونها، بعض هؤلاء الطلاب يأتون من خلفيات اجتماعية تعاني اقتصادياً، وهذا هو المدخل الذي دخلت منه "الإخوان" وغيرها من الجماعات في جذب هؤلاء الطلاب عن طريق تقديم كل أشكال الدعم المعيشي والتعليمي في الوقت الذي تعجز فيه إدارة الجامعة عن القيام بهذا الدور لمحدودية الميزانيات المخصصة لها، هذا المدخل مع الطبيعة المحافظة لمعظم طلاب الأزهر جعلا منه تربة مناسبة لكسب مؤيدين ومتعاطفين. هذه المجموعات مع هدف الانتقام من الأزهر المؤسسة التي ساهمت في إسقاط "الإخوان" تصلح سبباً لتفسير تركز تحركات "الإخوان" في جامعة الأزهر.