القيادة الحقيقية!

نشر في 05-12-2013
آخر تحديث 05-12-2013 | 00:01
من الواجب على القائد أن يلتزم بالمبادئ السامية والقواعد النزيهة التي يتوقع من أتباعه أن يلتزموا بها، لأن القيادة من خلال النموذج والقدوة هي القوة الدافعة الأقدر على الإلهام والتحفيز، في حين أن وجود أي تناقض ما بين شعارات وتصريحات القائد وأفعاله وتصرفاته سيكون له تأثير عكسي من الممكن أن يكون مدمراً.
 د. ساجد العبدلي يتكرر السؤال الملحّ دائما: ما صفات القائد القادر على مواجهة تحديات اليوم؟ وعلى الرغم من أن السؤال يبدو وكأنه يطلب قائمة جاهزة من الصفات، فإن الأبحاث والدراسات الإدارية الحديثة قد أظهرت أن الأمر أكبر من ذلك بكثير. تقول هذه الأبحاث والدراسات أن على القادة الحقيقيين أن يمتلكوا بالإضافة إلى القدرة على تطبيق واستخدام استراتيجيات وخطط وأدوات القيادة المعروفة والشهيرة، وهي التي تطرحها الكتب والدورات التدريبية دائما، قدرة كبيرة على استخدام وتوظيف وسائل التواصل الإنساني والشخصي مع المرؤوسين، أو ما صار يعرف اليوم بالذكاء الوجداني.

لذلك يركز الفكر القيادي الجديد على أهمية أن يتحلى القائد بالإضافة إلى عوامل الرؤية البعيدة والقدرة على التخطيط وامتلاك القدرة على الحسم والحزم، بعوامل المصداقية والشفافية والاهتمام المتواصل بمرؤوسيه والمرونة الذكية في تعامله معهم وتفهم احتياجاتهم وفق قاعدة "لا إفراط ولا تفريط".

القائد الذي يمتلك هذه العوامل الإنسانية التي تشكل في مجموعها ما يعرف بالذكاء الوجداني يضع نفسه دائما في مكان مرؤوسيه حتى يتسنى له أن يدرك على وجه الدقة طبيعة عملهم وظروفه، ويلمس بنفسه الضغوط الواقعة عليهم، وسيستطيع بعد ذلك أن يوفر لهم ما يحتاجونه لمواجهة هذه الظروف والضغوط، بل أن يساعدهم على مواجهتها والتغلب عليها إن تطلب الأمر، وسيتمكن بذلك أن يلهمهم ويحفزهم فيقودهم ويقود مؤسسته بأسرها نحو النجاح.

تضيف هذه الدراسات والبحوث الحديثة أيضا أن من الواجب على القائد أن يلتزم بذات المبادئ السامية والقواعد النزيهة التي يتوقع من أتباعه أن يلتزموا بها، لأن القيادة من خلال النموذج والقدوة هي القوة الدافعة الأقدر على الإلهام والتحفيز، في حين أن وجود أي تناقض ما بين شعارات وتصريحات القائد وأفعاله وتصرفاته سيكون له تأثير عكسي من الممكن أن يكون مدمراً، مما سيؤدي إلى تلكؤ المرؤوسين في العمل، وانحرافهم عن طريق النجاح، وربما يسلكون طريق الفساد.

هذه هي الصفات القيادية الحقيقية اللازمة لمواجهة التحديات، والقائد الذي لا يتحلى بها قد يستطيع الصمود في بداية مسيرته، لكنه سرعان ما سيكتشف أن التبعة أثقل من أي قدرة على الاحتمال، وسيبدأ أفراد الفريق بالتخلي عنه واحدا تلو الآخر، ليفشل في النهاية.

back to top