إنْ لم يكن الهدف هو التمهيد لإقامة دولة طائفية في جبال النصيريين وبعض المناطق الاستراتيجية كحمص والبلدات والقرى القريبة منها، فإنه لا ضرورة لمسرحية هذه الانتخابات التي يريد، من خلالها، بشار الأسد التجديد لنفسه، فهو بالأساس قد جاء إلى هذا الموقع بقرار عائلي وطائفي، وقد فُرِض فرضاً في ولايته الأولى والثانية، وكانت صناديق الاقتراع مجرد ديكورٍ لخداع السذج، وللضحك على ذقون الذين لا يعرفون عن حقائق الأمور في سورية أي شيء.
الآن لا يسيطر هذا النظام إلا على نحو ثلث سورية في أحسن الأحوال، وهناك نحو عشرة ملايين لاجئ سوري لا يستطيعون المشاركة في مسرحية هذه الانتخابات، حتى وإنْ كان بعضهم يرغب في ذلك، إضافةً إلى أن عدد القتلى قد تجاوز الـ150 ألفاً على أقل تقدير، بينما أعداد المفقودين والسجناء لا حصر لها، فكيف يمكن إجراء انتخابات في بلدٍ أصبح ممزقاً؟! وكيف يمكن لهذا النظام تمرير هذه الكذبة الكبيرة كما مرَّر "كذبات" كثيرة سابقة؟!إن الواضح أنَّ هدف هذه اللعبة المؤيَّدة من إيران وشراذمها الطائفية ومن "حزب الله" وروسيا الاتحادية هو توجيه الضربة القاصمة لـ"جنيف الأول" و"جنيف الثاني"... وأي "جنيف" مقبل، والمضي في التدمير والقتل أعواماً عدة مقبلة، وهذا يعني أن الهدف الحقيقي، ما دام الوضع لن يعود كما كان عليه، هو الاكتفاء من الغنيمة بالإياب واللجوء إلى التقسيم وإقامة الدولة الطائفية التي كان نفرٌ من المذهبيين قد استجدوا المستعمرين الفرنسيين لإقامتها استجداءً، والتي كانت قد رُفضِت من معظم أبناء هذه الطائفة الكريمة التي استطاع هذا النظام اختطافها اختطافاً... والتي لابد أن تكتشف الحقيقة في النهاية ويظهر من بينها مَن هُمْ على شاكلة البطل صلاح العلي ذلك العروبي والوطني العظيم.إنه لا ضرورة إطلاقاً لهذه المسرحية المضحكة، فبإمكان بشار الأسد، ما دام أنه سيبقى متمسكاً بكرسي الحكم حتى لو لم يبقَ في سورية حجر على حجر، أن يُجدِّد لنفسه ما دام ما يسمى "مجلس الشعب" جاهزاً لفعل ما كان فعله عندما بادر إلى القيام بتعديلات "دستورية" على مقاس الرئيس الجديد الذي كان قد جرى تعيينه فعلياً رئيساً للجمهورية قبل وفاة والده حافظ الأسد بسنوات طويلة!إنها مهزلة المهازل، إن هذه الانتخابات المسرحية لن تغير في واقع الأمر شيئاً، فهذا الرئيس قد جرى التجديد له بدخول القوات الإيرانية، حراس الثورة تحديداً، على خط القتال المحتدم في سورية مبكراً، وبتأكيد "حزب الله" أن هذا النظام لم يكن قادراً على الصمود والبقاء ثلاث ساعات لو لم تتدخل قواته في اللحظة الحاسمة.إنَّ لجوء هذا النظام إلى هذه المسرحية هو كلجوء المسافر ليلاً في الصحراء إلى الغناء بأعلى صوته للتغطية على مخاوفه وعلى ضربات قلبه، في حين أنَّ المفترض أن يصمت صمت أهل القبور حتى لا يجلب الذئاب والضباع إليه، وحتى لا ينبه اللصوص إلى وجوده.
أخر كلام
مهزلة المهازل!
23-04-2014