عندما يعلن الفريق يحيى رحيم صفوي، المستشار العسكري للمرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية الإيرانية، الحاكم الفعلي لإيران آية الله علي خامنئي أن حدود بلاده أصبحت على شواطئ المتوسط جنوب لبنان، فإن لذلك مدلولين، أولهما أن الاتفاق الأميركي – الإيراني أصبح واقعاً على الأرض، وما يجري من مفاوضات هو لاستكمال وضع الصيغ التنفيذية له، أما المدلول الآخر فهو إعلان احتلال طهران لثلاث دول ذات سيادة وأعضاء في منظمة الأمم المتحدة ومنظومة جامعة الدول العربية الإقليمية، وهي الجمهورية العراقية والجمهورية السورية والجمهورية اللبنانية، وهذا يعني أوتوماتيكياً إعلان إيران الحرب رسمياً على تلك الدول المستقلة.

Ad

طبعاً، مر تصريح صفوي مرور الكرام على جامعة الدول العربية ولم تحرك ساكناً، ولن تستطيع الدول المحتلة أن ترفع صوتها أو تشتكي، في حين سيؤكد السفراء الخليجيون في بيروت أهمية "الاستقرار والهدوء" حتى تستكمل طهران وحلفاؤها مشروعهم دون إزعاج! وسيتواصل الدعم المالي الخليجي للجيش والحكومة اللبنانية حتى تدعم ذلك المشروع! بينما تتفحص المملكة الأردنية التي وضعت بين فكي الكماشة الإيرانية في العراق وسورية خياراتها.

وفي منظمة مجلس التعاون الخليجي فإن لسان حالنا يتوجه بالسؤال إلى الشقيقة سلطنة عمان التي تدعو إلى مساكنة إيران ماذا تقول وكيف تعلق على ذلك الإعلان الإيراني؟ وماذا تريدنا أن نفعل تجاه تصريحات الفريق صفوي؟ هل ننتظر حتى يقول صفوي إن حدود إيران امتدت حتى سواحل البحر الأحمر في الحديدة اليمنية مثلاً أم ماذا نفعل؟!

أما المجتمع الدولي الذي تتزعمه أميركا وبريطانيا وروسيا فإن إيران مطمئنة تماماً بأنها لن تفعل شيئاً، فهي ترعى الصفقة مع إيران التي تقضي بتسليم المشرق العربي لها، ولن تتخذ المنظمات الدولية أي إجراء تجاه التمدد والاحتلال الإيراني، بل إن الإدارة الأميركية تتولى دعم المشروع الإيراني عبر المناورة والقرارات الرمادية واستقبال المعارضة السورية ثم ضربها في ظهرها، ومن خلال الضغط وترهيب دول الخليج العربي عبر إعلانها بين فترة وأخرى أن الخليجيين يمولون الجماعات السنية في سورية، بينما تتجاهل من يمول الميليشيات العراقية واللبنانية والإيرانية واليمنية التي تقاتل وترتكب الفظائع في ريف دمشق وحلب وحمص والقلمون وغيرها من مناطق النزاع السورية.

وبينما يشهد المشرق العربي هذه الأحداث الخطيرة التي ستغير لا محالة وجهه وخرائطه، فإن أغلب العرب مازالوا خارج الحدث وتداعياته الجدية ويعتقدون أنهم قادرون فرادى على مواجهته عبر تحالفات ذاتية هنا أو هناك مع دول الاستعمار التقليدية السابقة أو الولايات المتحدة وهو وهم لأن – الغرب- قرر تسليم المنطقة إلى طرف آخر سيستخدمونه كمخلب قط (إيران) لتفتيت الدول السنية وقواها بشقيها المعتدل والمتطرف التي تعتبر أن أبناءها وثقافتها من فجر وقتل في نيويورك وواشنطن ولندن ومدريد، في ما يشبه العقاب الجماعي للعرب وخدمة للدولة الأهم بالنسبة إليهم وهي إسرائيل، وذلك رغم كل الخدمات التي قدمتها الدول العربية وخصوصاً الخليجية منها لأميركا والتحالف الطويل مع تلك الدول الغربية ومشاركتها في مواجهة الاتحاد السوفياتي وإسقاطه.