نحن في الزمن الناقد للديمقراطية، ولسنا في زمن الاستسلام لها كقيمة مطلقة. والأسئلة المفتوحة كثيرة، لا إجابة عنها.

Ad

من السهل النظر للديمقراطية كأسلوب حكم فقط، أي "حكم الشعب بالشعب للشعب"، ومن المقبول أيضاً النظر لها على أنها "أسوأ أشكال الحكم، باستثناء أن كل أشكال الحكم الأخرى قد تم تجريبها"، حسب تشرشل.

الواضح أنه لا يوجد شكل ثابت للديمقراطية، بل هي في تغير دائم ومستمر، تجاوزت كونها شكلاً للحكم، لتصبح نمطاً للحياة، فأنت ديمقراطي في حياتك وممارستك اليومية، داخل بيتك وفي عملك أو ديكتاتوري مركزي قمعي.

لم يعد التعامل مع الديمقراطية كمنظم للصراعات داخل المجتمع كافياً، فتنظيم وتقنين الصراع داخل المجتمع هما الشق السياسي للديمقراطية فقط، وبالتأكيد لم يعد كافياً وجود انتخابات دورية منتظمة للقول بوجود ديمقراطية. وعلينا فقط أن نجري جرداً سريعاً للدول الأعضاء في الاتحاد البرلماني الدولي لكي نعرف فداحة المشكلة، فعدد من دول العالم لديها برلمانات، ولكنها برلمانات لاحتساء القهوة، ولتصريف غير العاجل من الأمور، وإبقاء المياه الراكدة على ركودها.

أما على المستوى الدولي فهناك إشكالية أخرى، وهي دول تزعم أنها ديمقراطية، بينما تسمح لنفسها بالعدوان على دول أخرى، واحتلالها، وسلب شعوب أعز ما تملك، الكرامة.

الديمقراطية اليوم هي غير ديمقراطية بدايات القرن الماضي، وهي غير تلك التي سادت حقبة ما بعد الحرب العالمية الثانية، وخلال الحرب الباردة. فسقف الديمقراطية اليوم صار عالياً، حدودها الدنيا احترام كرامة الإنسان بالمطلق، دون شروط.

لذا فإن التعامل مع الديمقراطية انطلاقاً من منظورها السياسي فحسب، صار من مخلفات الماضي الذي تحاول بعض الدول التمسك به.

لا ديمقراطية دون احترام لكرامة الإنسان، وإلا فإن أحسن حالاتها شبه ديمقراطية، من حيث الشكل فقط، أما المحتوى فلا يعدو عن كونه استكمالاً للشكل الخارجي لا أكثر ولا أقل.