الإضراب عن العمل حق نقابي كفلته المواثيق الدولية التي وقعت عليها الكويت وأصبحت مُلزمة بتنفيذها، وعادة ما يكون هناك تدرج في الإضراب يأخذ في الاعتبار عدم تضرر مصالح المراجعين أو المستفيدين من الخدمات التي تقدمها الجهة التي يضطر العاملون فيها للإضراب عن العمل سواء بشكل جزئي أو شامل، ولكن عملية التدرج في الإضراب تعتمد على نجاح المفاوضات بين الإدارة والعاملين التي قد تصل أحيانا إلى طريق مسدود؛ فيحصل ما ليس منه بُدّ وهو الإضراب الشامل عن العمل باعتباره آخر العلاج، أي الكيّ كما تقول العرب.

Ad

ومن دون أدنى شك فإن الإضراب عن العمل تترتب عليه خسائر وأضرار مادية وغير مادية كثيرة تتحمل الإدارة العليا مسؤوليتها بالدرجة الأولى؛ لأن الإضراب لا يحصل عادة إلا نتيجة لفشل الإدارة العليا وعدم تلبيتها لمطالب العاملين، أما نجاح الإضراب فيقاس عادة بدرجة تجاوب العمال أو العاملين معه ومدى تحقيقه لأهدافه.

والإضراب الشامل الذي دعت إليه ونفذته نقابة العاملين بالمؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية، بعد فشل مفاوضاتها مع الإدارة العليا حول تعديل سلّم الرواتب ومعالجة الرسوب الوظيفي وهيكل المسميات الوظيفية كما سبق أن تم الاتفاق عليه بين الطرفين، يعتبر إضراباً ناجحاً إذا ما أخذنا في الاعتبار درجة تجاوب العاملين معه واستمراريته (الإضراب مستمر حتى وقت كتابة هذا المقال لليوم التالي على التوالي). ومن المتوقع، في حال استمر الإضراب بدرجة التجاوب ذاتها، أن يحصل العاملون على مطالبهم المستحقة التي تماطل إدارة المؤسسة في تنفيذها منذ عام 2008، كما أوضحت رئيسة نقابة العاملين بالمؤسسة الأخت منال الرشيدي التي تقود زميلاتها وزملاءها بكل شجاعة وثبات وإصرار تستحق عليها التحية والتقدير، حيث إنها أثبتت جدارتها لقيادة عمل نقابي في ظروف صعبة؛ لتؤكد من جديد تهافت ما يدعيه بعض المتخلفين من أن المرأة لا تصلح للقيادة.

مؤسسة "التأمينات" تحتاج إلى إصلاح إداري وإعادة هيكلة جذرية، فهي تدير أموالاً ضخمة هي أموال المساهمين والمتقاعدين، ولها استثمارات مؤثرة في السوق المحلي والخارجي، وقد تعرضت، ويبدو أنها ما زالت تتعرض، لخسائر مالية، أحد أسبابها الطريقة التي تدار فيها المؤسسة، حيث تقتصر إدارتها العليا منذ إنشائها حتى الآن على مجموعة محدودة، ويغيب عنها أصحاب الشأن، وهم المتقاعدون حتى في الشركات والمؤسسات التي تساهم فيها، وكأنها "شركة خاصة مقفلة"!  ومع هذا فالحكومة لا تحرك ساكناً رغم أن الاستجوابات المقدمة لوزراء المالية دائما ما تتطرق لهذه القضية، وتثير الكثير من علامات الاستفهام حول أوجه توظيف استثمارات المؤسسة وخسائرها، وآخرها الاستجواب الذي قُدم في مايو 2012 من النواب السابقين السادة مسلم البراك وخالد الطاحوس وعبدالرحمن العنجري لوزير المالية الأسبق السيد مصطفى الشمالي.