لماذا نقبل بالتعذيب أحياناً؟

نشر في 18-05-2014
آخر تحديث 18-05-2014 | 00:01
لماذا نقبل بالتعذيب في حالات معينة؟ وما علاقة هذا التأييد بالأخلاق العامة؟ وكيف يمكن حل إشكالية الأمن الوطني والكرامة الإنسانية؟
 مظفّر عبدالله أول العمود:

يقول تقرير "بيتك" العقاري إن نسبة السكن الحضري لإجمالي مساحة دولة الكويت لا يتجاوز 2.5%، فهل نحن أمام مشكلة إسكان مزيفة؟

***

أكتب عن التعذيب بمناسبة حملة منظمة العفو الدولية لمناهضته بعد مرور 3 عقود من الزمن على اعتماد اتفاقية دولية بهذا الخصوص، فمشكلة التعذيب لها جذور متصلة بشكل وثيق بالنمط الأخلاقي السائد في المجتمعات، ويعود الموقف العام منه إلى نظرة الإنسان لذاته في الأصل.

كلنا يعلم دور القانون في منع المساوئ التي يرتكبها البشر ضد بعضهم بعضا كالتطهير العرقي وتجارة البشر والجنس والتعذيب، لكننا اليوم نشاهد كل هذه الجرائم ترتكب على ضفاف المئات من المعاهدات والاتفاقيات الدولية ومن دول صادقت عليها!!

لماذا نقبل في التعذيب في حالات معينة على استحياء في العلن ونصفق له في الهمس؟ وما علاقة هذا التأييد بالأخلاق العامة؟ وكيف يمكن حل إشكالية الأمن الوطني والكرامة الإنسانية؟

تفيد الأرقام الاستطلاعية التي أجرتها مؤسسة "غلوب سكان" لمصلحة منظمة العفو الدولية على 21 دولة في القارات الخمس بخوف 44% من العينة من تعرضهم للتعذيب في بلدانهم، واعتقاد 82% بضرورة تشريع قوانين صريحة لمنع التعذيب، واعتقاد 36% أن التعذيب له ما يبرره في بعض الظروف.

هناك مسائل يجب التوقف عندها لكشف تبرير القبول الاجتماعي للتعذيب الذي تقوم به أجهزة الدولة، فمتى ما تم مزج هذا الأسلوب في الحصول على المعلومات بمقتضيات حماية المجتمع وأمنه الوطني سهل القبول به وتبريره، كما أن شغف الناس بسرعة الحصول على المعلومة تسعف أجهزة الدولة في تقديم تبرير لاستخدام التعذيب، ورغبتها في أن تظهر بصورة الدولة الحازمة زيفا، وهنا تكمن المسألة الأخلاقية وهي التضحية بالمبدأ من أجل معلومة يمكن الحصول عليها بطرق عديدة دون الحاجة لاستخدام التعذيب.

مسألة القبول الاجتماعي بالتعذيب أخطر من ممارسته، فهو وقود لتقوية سلوك العنف الممارس من الدولة ليصبح روتينا مقبولا في الخفاء، حتى استثناء استخدامه في حالات محددة يعني سقوطا جماعيا للوعي وتضخيما لشهوة تسلط الدولة الطبيعي، فما لا حاجة له في العموم لا حاجة له في الظرف الخاص.

استخدام التعذيب دليل ضعف للدولة، وصورة لرداءة القائمين على حفظ الأمن العام، أما مقاومته اجتماعيا فتبدأ بالانتفاض ضد استخدام القدر اليسير منه واعتباره كارثة إنسانية.

back to top