الصبحي يرصد ميدان التحرير في الخفاء والعلن

نشر في 28-01-2014 | 00:02
آخر تحديث 28-01-2014 | 00:02
No Image Caption
يقدم ديواناً شعرياً متضمناً قصائد منوعة

يتضمن ديوان الشاعر عبدالفتاح الصبحي قصائد واكبت ثورة 25 يناير في مصر ومجموعة أخرى كتبها عبر مراحل مختلفة من حياته.
ينتفض الشاعر عبدالفتاح الصبحي على الظلم والقهر عبر خطاب شعري «نقوش على خارطة الميدان» موزع بين الشكل العمودي وقصيدة التفعيلة، راشقاً بالكلمة رموز الظلام ورؤوس الفساد في بلده، ويتتبع عبر نصوصه ما يجري في ميدان التحرير مصوراً ما يدور فيه في الخفاء أو في العلن.

قدّم للإصدار الشاعر أحمد فؤاد نجم، مشيداً بالتقاطاته الشعرية الجميلة، واعتبر أن محتوى الديوان المتنوع بين الشعر العمودي وقصيدة التفعيلة يتفاعل مع حدث الثورة المصيري الذي يهدف إلى بزوغ فجر جديد على مناحي الحياة في مصر، وأوضح ضمن هذا الإطار: «هذه ليست مقدمة للشاعر والديوان ولكنها محاولة للحاق بهذا الطائر الغريد الذي لا يتوقف عن الطيران والشدو. عبدالفتاح الصبحي صاحب «نقوش على منديل الوداع»  يحمل نقوشه ومنمنماته الفاتنة ويقتحم بها الميدان ليصبح هو والمنمنمات جزءا من الثورة التي طالما حلم بها وانتظرها هنا على ضفاف النيل وليس في أي مكان آخر من العالم، علما بأنها كانت حلمه وهاجسه في موسكو وفي الكويت وفي كل بلد زاره أو أقام فيه».

وأضاف نجم:» وهنا أمسك به متلبساً بحلمه المحدد في قصيدته الآسرة التي غزلها على نهج خالدة الحصري القيرواني (يا ليل الصب متى غده؟): يا ليل الصب متى غده؟ / النيل تأخر موعده! / لم تبق عروس تسعده/ أو أمل عذب يعقده/ النخل السامق يسأله/ عن موج كان يهدهده». وبشأن مناسبة الديوان كتابة محتوى الديوان، قال نجم إذا قرأت القصائد كلها تكتشف أنها مكتوبة في قلب الميدان ومحيطه الواسع. ولعل القصيدة التي تحمل هذه المجموعة الشعرية عنوانها خير شاهد على ذلك. ثمة لوحة استهلالية في هذه القصيدة تتوالى بعدها عدة لوحات من الميدان لتترك القارئ أمام هذه اللوحة المفعمة بالثورة والتحدي:» كان ليل الميدان يقصف رعداً/ عاش عمراً محاصراً في الضلوع/ لن يعود التاريخ للخلف يوما/ فارحلوا... يا حماة عهد الركوع».

لصوص المال

وفي حديث عن أجمل القصائد، لفت نجم: «تستأثر باهتمامي في هذا الديوان قصيدة أخرى كنت قد استمعت إليها قبل أكثر من ثلاث سنوات ثم دفعت بها آنذاك للنشر في إحدى الصحف اليومية، ومرة أخرى تطالعني هنا هذه القصيدة التي يقول فيها: «انهض... فإن الفجر لاح/ وأحاط بالليل، الصباح.../ هاهم... لصوص المال، والآثار/ والغاز المعبأ للأعادي في أنابيب المودة، والرعاية والسماح!/ هاهم... فلول العار، أشباه الخراتيت القديمة، بائعو القمح المسرطن/ مشعلو الأسعار، مبتدعو فنون الفتك بالأطفال،/ حيتان الحديد، مروجو البانجو،/ ومغتصبو القراريط القليلة من يد الفلاح!/ هاهم .. ولاة البؤس، عصبة خدعة الإصلاح».

وعن آخر حديث لهما قبل طباعة الاصدار، يرصد نجم تفاصيله في الفقرة التالية:» قلت له قبل عدة ايام:» ليتك يا عبدالفتاح كنت القاضي الذي يحاكمهم فإن حزمة الاتهامات في هذه الفترة فقط تكفي لصدور الحكم بإعدامهم جميعاً عشر مرات. ضحك... وقال: «ويسمون هذا الحقد الطبقي، قلت: «ما أنبله هذا الحقد... وما أجمل هذه القصائد التي بين جلدتي هذا الديوان «نقوش على خارطة الميدان».

تعسف السلطة

يتضمن الديوان قصائد متباينة الشكل، إذ يشمل نصوصا عمودية وقصائد التفعيلة، ومن الشكل الأخير يستهل ديوانه بنص قصير يبرهن فيه على هويته: «من هناك؟ عابرٌ -خلف من سبقوني- إلى ساحة الشهداء في يدي حزمة من سنابل حقلي.../ وفوق شفاهي دعاء: «يا إله السماوات والأرض.../ هب لبلادي طريقا إلى الصحو،/ والعدل والارتقاء». ويتضح من خلال النص هوية الشاعر المتمسك بأصالته الممتدة إلى عمق الأرض، متسلحاً بعزيمة الرجال الأشداء الذين لا يخشون بطش الدكتاتور وتعسف السلطة ويحمل بيده سنبلة كأنها أيقونة يستمد منها قوة وجلدا ومثابرة يقهر فيها كل الظروف الصعبة،  لاسيما عقب التحاقه بساحة الشهداء وهو يلهج بالدعاء حالماً بالعدالة والمساواة.

وفي قصيدة «نقوش على خارطة الميدان» يرصد الشاعر العهد الجديد الذي انتظره الشرفاء منذ زمن، ومن أجواء النصك» كان فجر الميدان يكتب عهداً/ في سجود موحد وخشوع:/ قسماً بالشباب يوم تنادي/ فعلا صدره خضاب النجيع/ قسماً بالنعوش تمشي الهوينا/ فوق بحر من الاسى والدموع/ لن تُضيع الايام حق الضحايا/ والثكالى... وحق كل رضيع».

اقتناص

من رحم الميدان، يقتنص الشاعر بعض الأحداث بعين فاحصة محذراً من المندسين الذين انضموا إلى الثوار تحت جنح الظلام، وفي الابيات التالية يوضح ما يجري: «كان النهار يكاد يفتعل الخصام/ وتواصلت حمى النقاش الحائر، المرتاب/ في الميدان واندست خفافيش الظلام/ لكن صوتك لم يكن يعلو... ولو كثر الكلام/ فكأنما أيقنت – طول الوقت- أن النصر/ آت بالكمال وبالتمام!/ وسمعت صوتك هادئاً: «أنا ذاهبٌ/ للمجلس الأعلى لقوات النظام/ لابد من رد الحقوق لأهلها أو نلتقي/ الشهداء في دار السلام».

ويرسل الشاعر الصبحي «بطاقة بريد إلى الشعب» يدفعه إلى الانتفاض وعدم السكوت على الظلم: « انهض رعاك الله من غفوتك/ انهض فقد جاروا على ثورتك/ يهتف حلف العار ضاعت سدى/ وراحت الثورة في سكوتك/ ويخلط الشيطان أوراقه/ كي يشعل النيران في خيمتك/ ويخرج الملتاث من جحره/ وتزحف الأفعى إلى قلعتك».

يذكر أن الديوان يتضمن القصائد التالية: هوية ونقوش على خارطة الميدان، والموت بين الناس، وبطاقة بريد إلى الشعب، والشاعر، ولمن يهمه الأمر، وكتاب مفتوح إلى القاتل، والنيل تأخر موعده، وانهض... فإن الفجر لاح وتساؤلات على طريق الجميع وكتابة أخرى على جدار الليل والبشارة وقصائد من «نقوش على منديل الوداع» ونظرية ورقي وبطاقة بريد إلى القدس والمغنى وبطاقة بريد إلى الوطن، ويوميات مصرية، وكتابة على جدار الليل غزلية وبطاقة بريد إلى ماريا والمتمردون وداعا.. سعيد فرحات ورؤيا.

قصائد وطنية

كتابة أخرى على جدار الليل

كيف يا مصر أصبحت أرضُنا مشتل الألم ؟!

صاح واليكِ منذ أن أقسم القسم:

سوف آتيك بالمنى، وأوافيك بالنعم

سوف نبني حضارة تحضن النيل والهرم

ونُباري بها الدنا، ونباهي بها الأمم

أين ضاعت عهوده... غاصب السلطة النهم؟!

الدساتيرُ شُوهت، فبدت سوأة النظم!

والقوانين عُطلت، فخلا الذئب بالغنم!

واعتلى راكب الهوى منبر العدل والشمم!

واستبيحت ديارنا للحثالات والطغم!

يوميات مصرية

الرجال الطواغيت والقيصر الإمعه

 يحشدون المجانيق في الساحة الواسعه

وجنود الحراسة في الخوذ اللامعه

يرمقون زجاج الحوانيت كالقطط الجائعه

يسألون: متى تقبل الزوبعه؟

فجأة يكسر المهر باب حظيرته الخادعه

 ثم يركض يصهل

تشتعل الأرض تحت حوافره الاربعه

 وتكيل الزلازل ضربتها الموجعه!

back to top