الهبة هي تمليك الغير بلا عوض، وتأخذ الهبة صورا كثيرة حسب مقتضيات الحال، فإذا فعلها المسلم في حياته أصبحت هدية أو تبرعاً، وإذا أقرها وهو على فراش الموت أصبحت وصية، وفيا يتعلق بشروطها وأحكامها يقول أستاذ الشريعة الإسلامية في جامعة الأزهر الدكتور أحمد كريمة: الهبة هي التبرع والتفضل على الغير من بني جنسه ولو بغير مال، وهو عقد يتصرف بمقتضاه الواهب دون عوض.

Ad

يتابع كريمة: قديما كانت الهبة بالشهود، ويشترط فيها التراضي والسبب، لكن في زمننا الحالي يجب أن تكون الهبة موثقة بورقة رسمية، وبعقد ويكون قابلا للإبطال إذا لم تتوافر فيه شروط معينة، كما أن هناك هبة مطلقة أي التي لا تشمل في حدها الشرعي أي عوض، والهبة لها معنى حدده المشرعون، وأحيانا تأخذ معنى الصدقة، ومعنى الهدية أحياناً أخرى، وهذا كله يتجلى عندما تُقدم الأضحية لأنها مقسمة إلى ثلاثة أقسام، فثلث لبيتك وثلث لأصدقائك وأقاربك وثلث للفقراء، وهنا تتجلى كل معاني المعاملات التي أقرها الإسلام للمسلم، وتأكيداً لقول الرسول (ص): "تصافحوا يذهب الغل، تهادوا تحابوا، تذهب الشحناء والبغضاء"، لأنها تؤلف القلوب وتوثق عُرى المحبة بين المسلمين، كما تعتبر الهبة إحدى صور المعاملات التي ترسخ مبدأ التكافل الاجتماعي.

يضيف كريمة: إن الهبة إحدى علامات اختيار الله لعبده، لأنها تستوجب الإخلاص والنية الصالحة لله فقط، وإذا انزوت إلى اتجاه آخر فإنها تأخذ مأخذ الرياء، وهي أذم الخصال بين الناس، لذا فإن الهبة قد وضع لها الفقه شرطين مهمين لإتمامها، وهما الإيجاب، والقبول.

ويشير كريمة إلى أن أغلب المسلمين يؤجل الهبات الكبرى إلى نهاية حياته، أو بعد وفاته، حيث تأخذ الهبة هنا حكم الوصية، ولها أيضاً أجر كبير لأنها تصبح صدقة جارية له بعد مماته، حتى إذا قيل إن المريض وهو على فراش المرض وهب شيئا ما ومات بعدها أصبحت وصية، وإذا قدر له الله التعافي والعيش تصبح هدية أو صدقة، لأنها انتقلت من الوصية إلى الهبة، وهنا نؤكد أنه لا يجوز للمسلم التبرع بكامل ماله امتثالا لقول الإمام أبوحنيفة: "لا يصح التبرع بكل المال، ولو في وجوه الخير".