مورفين
![د. ابتهال عبدالعزيز الخطيب](https://www.aljarida.com/uploads/authors/991_1667658654.jpg)
وهل تختلف الطبخة مع بقية جنسيات الإعلام العربي؟ لربما أقرب الأمثلة هي حفلة الطبل والزمر التي اشتغلت في كل الإعلام الخليجي من أجل الاتفاقية الأمنية التي انتهت "بالكراسي تتطاير في الهواء" ومن ثم سحب السفراء. وهل نغفل طريقة تعامل الإعلام مع الثورات العربية ولا يزال؟ فمن الإعلام السوري الى الإعلام البحريني، دوراناً في شبه الجزيرة ثم انحرافاً إلى المغرب العربي، يظهر الثوار على أنهم خونة، والحكومات على أنها "مزنوقة"، مضطرة "يا عيني" تضرب في هؤلاء الهمج لتضعهم في أماكنهم وتعيد الأمن لجيرانهم ليرقدوا جميعاً بسلام آمنين. المشكلة أن الصور الحية والفيديوات تصل إلينا جميعاً اليوم من قلب الحدث، الأحداث تضع أصابعها في أعيننا والإعلام يتمشى والطرحة على رأسه: كله تمام، كله جميل، والدنيا ربيع والجو بديع، والمصيبة، أنه مازال لهذا الإعلام مصدقوه ومريدوه. لكن الفائز وبجدارة هذه الأيام في مسابقة "الهلس" الإعلامي هو الإعلام المصري وبكل أسف، وها هم ثوار الأمس يصبحون حكام اليوم في مصر، والإعلام هو هو، بكذبه الساذج ومبالغاته المريعة وتحويره الركيك. أسقط الإعلام المصري ورقة التوت وصلع، خلع الإعلام راسه ومشى "متسنكحاً" مصرّاً على أن البلد كله المشير السيسي، ليس فيه سوى مريديه والخونة. "طيب شوية" حيادية نذرها في عيون الغرب إذا كان أبناء المنطقة بالنسبة إلى الإعلام "عميان" ولا يستحقون قيمة الرماد يذر في عيونهم. "أبداً، هو كده"، إعلام "أبو أستك"، يمط معك كما تشاء في الكذبة، فلا تسائله عنها مهما بلغت سذاجتها أو وقاحتها، فإن استغربت أو سألت يرتد عليك بجلدة تنسى اسم عائلتك بعدها.وما قصة الجهاز الطبي الجديد الذي يشخص ويشفي كل أنواع الأمراض، هذا الجهاز الذي تأبى مصر بيعه أو حتى الكشف عنه أمام العالم خوفاً من سرقته، سوى التوتة على كريمة الوقاحة الإعلامية العربية ككل. كم كنت أتمنى لو كانت هذه القصة هي القشة التي قصمت ظهر المشاهدين، فثاروا بعدها ثورة تضع الإعلام في نصابه فلا يتجرأ "يخبَّص" بكلمة قبل أن يحسب لها ألف حساب، إلا أن الناس في كل العالم العربي تجري تشتري الوهم، تملأ منه قدورها، حتى ما عدنا نعرف على من يقع الذنب، الإعلام أم الناس؟ خطأ الكاذب أم خطأ الساذج؟ البيضة أم الدجاجة؟راح نبيض من القهر، ألا يكفي الكذب وحده حتى تدفسوه في وجوهنا بهذه الوقاحة؟... "طب حطوا عليه شوية ملح".